فِي هَذِهِ الحَيَاةِ، اتَّفَقَ النَّاسُ جَمِيعاً عَلَى طَلَبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَمَنِّي نُزُول السَّكِينَةِ فِي  قُلُوبِهِمْ. إِنَّ الدِّينَ الإِسْلَامِيَّ العَظِيمَ جَاءَ ﺷَﺎﻣِﻼً ﻟِﻜُﻞِّ أُﻣُﻮرِ المُسْلِمِينَ وَتَيْسِيرِ حَيَاتِهِمْ، فَمَتَى مَا أَخَذُوا بِتَعَالِيمِهِ عَاشُوا حَيَاةَ السُّعَدَاءِ، وَكَانُوا مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الهَمِّ وَالغَمِّ. وَمِنْ أَهّمِّ الأَسْبَابِ الكَفِيلَةِ بِمَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَنْزِلَ السَّكِينَةُ فِي القَلْبِ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي النَّفْسِ هِيَ:

1- الإيمان بالله تعالى

يقول عليه الصلاة والسلام ’’ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباًّ وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً‘‘ أخرجه البخاري. إن ألذَّ ما في الحياة هو الإيمان بالله تعالى، وهو الأساس في حلول الطمأنينة في القلب، والسّكينة في النّفوس، وأسعد المؤمنين وأرفعهم درجة، من امتلأ قلبه رضا بربوبية الله تعالى، وكان مع الله وبالله ولله في كل شأن من شؤونه.

2- تفويض الأمر لله

إننا لفرط جهلنا لا ننظر إلا في الحاضر مما يقضيه الله تبارك وتعالى لنا، حتى إذا توالت الأيام، وانكشف لنا بعض المكنون في مستقبلها قلنا الحمد لله على ذلك القضاء الذي قضاه الله وكنا له كارهين، و أن اختيار الله لنا أحسن من اختيارنا لأنفسنا.

3- حسن الصلة بالله 

لقد كان رسول الله ﷺ “إذا حَزَّ بِهِ أمرٌ فَزَعَ إلى الصلاة” أخرجه أبو داود، وصححه أجمد شاكر، كما في مقدمة عمدة التفسير(1/110) إنها “الصلاة ” ملجأ المتقين، وملاذ المؤمنين، بها الثبات عند الملمَّات، والطمأنينة عند نزول الكريهات، لذا وجب دوام الخضوع لله عز وجل.

 

4- استشعار قرب الفرج عند نزول البلايا

فالعاقل يعلم أن دوام الحال من المحال، وأن المرء متقلب بين الضراء والسراء. والواقع يشهد أنه ما من نازلة إلا ارتفعت عن أصحابها.. فلِم اليأس؟ ‏{‏فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا‏}‏ بشارة عظيمة من الله عز وجل. دع الأيام تفعل ما تشــاء وطِبْ نفساً إذا حكم القضاء، ولا تجـزع لحادثة الليـالي فمـا لحوادث الدنيا بقاء.

5- ذكر الله وتلاوة القرآن

يقول سبحانه وتعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. لقد بحث الناس عن الطمأنينة في المال والشهرة، ولكنهم وجدوا سراباً خادعاً، وبريقاً كاذباً. قـال أحد السلف: ((مساكيـن أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله عز وجل ومعرفته وذكـره)) يقول ابن تيمية: “إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة. قيل وما هي: معرفته والأُنْس به جل وعلا”.

اقرأ أيضا: برامج وتطبيقات لحساب المواريث لاغنى عنها لكل مسلم

6- العلم 

العلم أعظم هبة من الله لعبده. به يعُرف الله جل وعلا وتُعرف حدوده ونواهيه، ومن أعمر وقته بطلب العلم، كان في لذة وأنس لا تعدلها لذائد الدنيا كلها. وإنك إن وقفت على سير من وجدوا هذه اللذة تملكك العجب من حالهم وغبطتهم على ذلك السرور. ولقد وصف الإمام الشافعي هذه اللذة بقوله:

سهـري لتنقيح العلـــوم ألـذّ لي = من وصل غــانية وطيب عنـــاق

وصرير أقلامي على صفحـاتـهــا = أحلى مـن الدّوْكـاء والعشــاق

وألذ من نقر الفتــاة لدفهـــا = نق ري لألقي الـرمــل عـن أوراقي

وتمايلي طربـا لحل عويصة = في الدرس أشهى من مدامة ساق

وأبيت سهـران الدجى وتبيتـــه = نومــا وتبغي بعـد ذاك لحــاقي

7- أداء الحقوق والواجبات

لهذا السبب أثر كبير في نزول السكينة والطمأنينة عند أصحاب القلوب السوية،  وأرباب النفوس الكريمة. وأعظم الحقوق حق الله تعالى، من توحيده وأداء فرائضه. ومن كان مقصراً في حق الله تعالى ثمّ يروم سعادة فنقول له: رويدك إن الباب مغلق، دونك بغير أداء هذا الحق. ويتبع هذا أداء حقوق الوالدين والقرابة من زوجة وولد وكل ذي رحم قريب،  فكل هذا من أسباب حلول الطمأنينة في القلب بإذن الله تعالى.

8- الإحسان إلى الناس

سبب عظيم للأنس في الدنيا  مع نيل الأجر في الآخرة.. جرب أن تعلم جاهلاً، أو تُحسن إلى فقير، أو تزيل كرب مهموم، أو تُعين محتاجا، أو تجلس بجوار مُصاب، وتأمل في الأنس السعادة التي تجدها في نفسك. إن الإحسان إلى الناس لا يفعله إلا الكمل من البشر، ولذا كانوا أسعد الناس نفوساً، وأشرحهم أفئدة..

9- صدق الدعاء والإلحاح في الطلب

لقد علم الرسول ﷺ أمته أن يلحوا على ربهم في الدعاء، وأرشدهم أن يصدقوا في الطلب.. نادي ربك وقل: ألا أيــها المأمول في كل ساعة شكوت إليك الضر فارحم شكايتي ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي وهب لي ذنوبي كلها واقضي حاجتي فرج الله هم كل ذي هم، وأنزل السكينة في كل قلب .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إقرأ أيضا: كلما أذنبت.. تبت

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?