المال قيامُ الحياة، تقوم عليه معايشُ الناس ومصالحهم، كما قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}، وقد يحتاج الإنسانُ إلى مالٍ لقضاء حاجته أو حاجة عياله، أو إقامة تجارته أو زراعته، ولا يجدُ من يُقْرِضُهُ قرضاً حسناً، فيلجأُ إلى الدَّين، وذلك بالسَّلم، أو الشراء بأجل، أو بالتقسيط، أو التَّوَرُّق، أو غير ذلك من صور الدَّين.

وهكذا التُّجَّار، قد لا تَرُوج بضائِعُهم بالبيع الحاضر، فيحتاجون إلى المداينة، والبيوع الآجلة، لتسويق تجارتهم وتحريك أعمالهم.

وقد يدهشك إلى حدِّ الصدمة عزيزي القارئ وأنت تتصفح هذا المقال، مقدار الأهمية التي أولاها الإسلام للدَّين، ومدى التشدد في التحذير من  اللجوء إليه لحلّ المشكلات المادية التي تعترض حياة الإنسان، لما يترتب عليه من تأثيرٍ مباشرٍ يلقي بظلاله على مسيرة حياتهم، فيقلبها رأساً على عقب. ونحن نشاهد ونعاين ذلك فيمن استسهلوا اللجوء للدين كوسيلة لحل مشكلات إعسارهم المادي، بدلاً من البحث عن بدائل أخرى قد لا يكون لها نفس المردود على حياتهم، أو الصبر على مشاق الحياة، بدلاً من الجري وراء الدين من أجل استعجال وسائل الترف، كالبيت الخاص والسيارة وربما الزوجة.

تعريف الدَّيْن

يعرف الفقهاء الدَّين بأنه ’’لزوم حق في الذمة‘‘. أما علماء اللغة فيذكرون في معانيه ماينفِّر منه إبتداءً، فكلها تدور حول الانقياد والذل. وبين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي رابط ظاهر، فإن المَدين أَسيرٌ كما قال النبي: (إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ) رواه أبو داود.

تشديد الشريعة في أمر الدَّيْن

فقد جاءت الشريعة الإسلامية بالتشديد في أمر الدين، والتحذير منه، والترغيب في احتراز المسلم منه، ما أمكنه ذلك.

أولاً: في القرآن الكريم

ولعظم أمر الدين، وما يترتب عليه من أخطار ومفاسد دينية ودنيوية، فقد أنزل فيه قرآناً يتلى أباح اللهُ تعالى فيها الدَّينَ، وجعل له شروطاً وآداباً تحفظ الدائن والمدين، وتدعو الدائن أن يترفق بالمدين إن كان ذو عسرة.

قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.

ثم جاءت أطول آيات القرآن لتتحدث عنه تفصيلاً وتنظم أمره من حيث الكتابة والحفظ والشهود.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْيَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِمِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى… } [البقرة: 282].

إقرأ أيضا:  مفاسد الخلاف على الفرد والمجتمعات

ثانياً: في الأحاديث النبوية

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يدعو في الصلاة:
(
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ [أي: استدان] حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ). رواه البخاري ومسلم

وهذا أمر مشاهد ومعلوم، فإن كثيرًا من المديونين ولاسيما مَنْ لا يجد قضاءً يلجأ إلى الكذب على الدائن، ويَعِدُهُ بالوفاء ولا يوفي، عافانا الله من ذلك.

اقرأ أيضا: 3 خطوات بسيطة لتعيد التوازن إلى حياتك المالية

وروى النسائي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ:

(كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ).

وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

(مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ: الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ). رواه الترمذي

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

(نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ). رواه الترمذي

قال السيوطي: ’’أي محبوسة عن مقامها الكريم‘‘. وقال العراقي: ’’أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا‘‘ انتهى.

وقد كان النبي ﷺ في أول الإسلام، يترك الصلاة على مَنْ عليه دَيْنٌ ليس له وفاء؛ كما في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: (أن النبيأُتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: عليَّ دينُه يارسول الله، فصلى عليه) أخرجه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله فيفتح الباري“: “وفي هذا الحديث إشعار بصعوبة أمر الدين، وأنه لا ينبغي تحمله إلا من ضرورةانتهى.

اقرأ أيضا: هل الإدخار صعب؟ أم يستصعبه الناس!

ولما فتح الله تعالى على المسلمين، وأفاء الله عليهم، كان النبي ﷺ يقضي مما أفاء الله تعالى عليه ديونَ المدينين ويصلي عليهم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله ﷺ كان يُؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسألُ: هل ترك لدينه فضلًا؟ فإن حُدِّث أنه ترك لدينه وفاءً صلى، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، فلما فتح اللهُ عليه الفتوحَ قال ﷺ: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن تُوفي من المؤمنين فترك ديناً فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته) متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: (نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حتى يُقْضَى عنه). أخرجه أحمد والترمذي.

وقد بلغ التشديدُ في أمر الدين أن الشهيد تغفر لهم جميع ذنوبه إلا الدَّين، كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال: (يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين). رواه مسلم.

وقد جاء عن كثير من السلف التحذير من الدين أيضاً:

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ( َإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ ) رواه مالك في الموطأ.

شروط جواز الدين 

وانطلاقاً مما سبق، اشترط العلماء لجواز الدين شروطاً ثلاثة:
1-
أن يكون المستدين عازماً على الوفاء.
2-
أن يعلم أو يغلب على ظنه قدرته على الوفاء.
3-
أن يكون في أمر مشروع.

فينبغي للمسلم أن يراعي شروط الدَّين وآدابَه، ويحذر من المعاملات المحرمة بأنواعها.

الدين الذي يحبس صاحبه عن الجنة

يقول ابن عبد البر فيالتمهيد“:
والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة، والله أعلم، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يؤد، أو أدَّاه في غير حق، أو في سرف، ومات ولم يؤده.
وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعسرةٍ، ومات ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء اللهانتهى.
وقد قال: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) رواه البخاري.

اقرأ أيضا: برامج وتطبيقات لحساب المواريث لاغنى عنها لكل مسلم

أدعية تعينك على قضاء الدين

وفي السنة النبوية مجموعة من الأدعية التي جاءت بخصوص الاستعانة بالله على قضاء الدين، وهي:

1- عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ:

(اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ. أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ. اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ ). رواه مسلم

2- وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَباً جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي.

قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ؟! قَالَ: قُلْ: (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ).

3- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ يَا أَبَا أُمَامَةَ! مَا لِي أَرَاكَ جَالِساً فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟! قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَاماً إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ، أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:

(قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ)

قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي. رواه أبو داوود.

اقرا أيضا: كيف تتجنب الوقوع في حبائل الشيطان

لماذا شددت الشريعة في أمر الدين

وقد بين العلماء أنه لم يأت كل هذا التشديد في أمر الدَّين، إلا لِما فيه من المفاسد على مستوى الفرد، وعلى مستوى المجتمع.
أما على مستوى الفرد فيقول القرطبي فيالجامع لأحكام القرآن“:

’’قال علماؤنا: وإنما كان شيناً ومذلةً لما فيه من شغل القلب والبال، والهم اللازم في قضائه، والتذلل للغريم عند لقائه، وتحمل منته بالتأخير إلى حين أوانه، وربما يعد من نفسه القضاء فيخلف، أو يحدث الغريم بسببه فيكذب، أو يحلف له فيحنث، إلى غير ذلك، وأيضاً فربما قد مات ولم يقض الدين فيرتهن به، كما قال ﷺ: (نسمة المؤمن مرتهنة في قبره بدينه حتى يقضى عنه) رواه الترمذي. وكل هذه الأسباب مشائن في الدين تذهب جماله وتنقص كماله‘‘ انتهى.

وأما على مستوى المجتمع، فيذكر المتخصصون من المفاسد ما هو خطير على وضع الاقتصاد الأمثل:

1- تصاعد النزعة الاستهلاكية لدى المجتمع، واستسهال الاقتراض، والتلهف إلى الوصول للرفاهية الكاملة دون امتلاك الإمكانات المادية لذلك، ودون السعي الحقيقي وبذل الجهد.

2- ضعف روح المسؤولية والاعتماد على الذات.

3- تكدس المحاكم بقضايا المعسرين.

وَفِرُّوا من الدَّيْن فِرارُكُم من النَّار

وبعد، فقدْ تساهل كثيرٌ من الناس اليومَ بأمر الدَّين فاستدانوا لغير حاجة، وماطلوا في القضاء، أو استدانوا ما لاقدرةَ لهم على الوفاء به.

وكان الناسُ فيما مضى يستدينون للضرورة أو الحاجة الماسَّة، كَقُوت عيالهم، أو بناء بيوتهم، أو إصلاح مزارعهم، أوبضائع دكاكينهم، ونحو ذلك، وبقدر ما يحتاجون إليه. أما اليوم فأصبحت معظمُ الديون للإنفاق على الكماليات من أثاث فاخر، أو سيارات غالية، أو أسفار سياحية، أو حَفَلَاتٍ باذخة، وغير ذلك، ولا سيما مع إغراءات المُمَوِّلين، وتبسيطهم إجراءات التمويل.

 ومنهم من يستدين للدخول في مغامرات تجارية غيرِ مدروسة، استعجالاً للثراء، ولذلك قلَّ اليومَ أن تجد بيتاً لم يدخله الدَّين.

اقرأ أيضا: الذكاء المالي.. لتصبح مستثمراً ناجحا

 لهذا وغيره، فقد عظَّم الإسلامُ شأنَ الدّين وحذَّر من التساهل في قضائه؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة على الدائن والمدين، في الدنيا والآخرة، وهذا أمرٌ مشاهد، فكم من غنيٍّ أو مستورٍ افتقر، وتعرَّض للتشهير أو الحبس، بسبب تراكم دينه، وكان في غِنَىً عن ذلك، لو قَنع بما عنده، ولم يتساهل بالدّين، وقد يطالُ الضررُ أولادَه وأهلَ بيته.

 فاتقوا الله عباد الله واحذروا من التساهل في الديون، واعرفوا آثارها. وإذا اضطررتم إليها، فلتكن بقدر الحاجة، وبقدر ما تستطيعون الوفاءَ به، وبالطرق المشروعة الجائزة، مع العزم على الوفاء في الأجل المحدد. فمن كان بهذه الصفة فهو حريٌ أن يعينه الله على وفاء دينه.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضا: 6 خطوات بسيطة لبدء مشروعك

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?