إنّ الشتاء أمره عجيب لمن تذوق طعم العبادة فيه. وقد ذكر الله تعالى من أوصاف أهل الجنة أنهم {كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [سورة الذاريات:17] ومما يدخل الجنّة بسلام الصلاة بالليل والنّاس نيام. وقد كان العابد منهم كالنجم الساطع في ليالي الشتاء وضّاءً منيراً. ولهذا أثُِر عن غير واحد من السلف عند مشهد الاحتضار أنهم يبكون قيام ليالي الشتاء: ومنها أنه لما احتضر أحد السلف بكى فقيل له: أتجزع من الموت وتبكي. فقال: ما لي لا أبكي ومن أحق بذلك مني؟ والله ما أبكى جزعاً من الموت، ولا حرصاً على دنياكم، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء.

وصية عمر الشتوية

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية: ان الشتاء قد حضر وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعاراً (وهي ما يلي البدن) ودثاراً (الملابس الخارجية) فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه.
ومن كلام يحيى بن معاذ: الليل طويل فلا تقصره بمنامك والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك.
و عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام.

 

ومن درر كلام الحسن البصري قال: نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه.
وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنه كان إذا جاء الشتاء قال: يا أهل القرآن! طال ليلكم طويل لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا.

الغنيمة الباردة

قال رسول الله ﷺ: (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) رواه أحمد وحسنه الألباني
قال الخطابي: الغنيمة الباردة أي السهله ولأن حرة العطش لاتنال الصائم فيه.

شاهد أسباب زيادة الوزن في فصل الشتاء

قال ابن رجب: معنى أنها غنيمة باردة أنها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة.
فحري بك اقتناص هذه الغنيمة لا سيما في الأيام الفاضلة؛ مثل الاثنين والخميس أو الأيام البيض ونحو ذلك.

غنيمة العابدين وربيع المؤمنين

عن عمر رضي الله عنه قال: الشتاء غنيمة العابدين. رواه أبو نعيم باسناد صحيح.
قال ابن رجب: انما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه.
و عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: مرحباً بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام.

 

نَفَسُ الشتاء

قال رسول الله ﷺ: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يارب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير) متفق عليه، والمراد بالزمهرير شدة البرد.
قال ابن رجب: فإن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم.

اقرأ أيضا:5 فيتامينات.. لا تفوتك هذا الشتاء

وهذا مايوجب الخوف والاستعاذة منها، فأهل الإيمان كل ما هنا من نعيم وجحيم، يذكرهم بما هناك من النعيم والجحيم. حتى وإن شعر القوم بالبرد القارس، فيدفعهم هذا إلى تذكر زمهرير جهنم، ويوجب لهم الاستعاذة منها. ويذكرهم بالجنة التي يصف الله عزوجل أهلها فيقول عزوجل {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً} الانسان13، قال ابن رجب: فنفى عنهم شدة الحر والبرد.
قال قتادة: علم الله أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا. فيدفعهم هذا إلى النصب وإلى التهجد فكل ما في الدنيا يذكرهم بالآخرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إقرأ أيضا  25 خطأً شائعاً في الصلاة .. تجنبها

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?