الزوج: ألووو!!.. أنا في الطريق. هل تحتاجين أي شيء أشتريه وأنا قادم؟
الزوجة: لا.. لا شئ.
الزوج: تمام.. إذن مسافة الطريق وأكون في البيت، جهّزي الغداء لأني جائع.
الزوجة: حاضر.
تركت هاتفها ونسيت أن تغلقه.. وقبل أن يقفل الزوج هاتفه، سمع زوجته وابنه سمير يتحدثان.
سمير: هل سأل عنّي بابا؟..
الأم: أكيد يا حبيبي.. هو يحبك كثيرا..
سمير: هو لم يسأل عني أنا متأكد.. هو لو فعلا يحبني كما تقولين لعلّمني الشطرنج.. رغم إِلْحاحي عليه..
وكان الأب لا يزال يضع الهاتف على أُذُنِهِ ويسمع، ثم أوقف السيارة لكي يستمع بوضوح إلى حديثهم..
سمع سمير يكمل حديثه ويقول لها: هل تذكرين الشطرنج الذي حصلت عليه كهدية لنجاحي السنة الماضية؟ تمنيت أن يعلمني.. طلبت منه فعلمني حركتين ..ثم جاءه اتصال فتركني وذهب، وكلما طلبت منه تعليمي يكون مشغولا!.. هل تعرفين من علمني الشطرنج؟.. والد صديقي أحمد.. عندما سمعني أتوسل إبنه أحمد أن يعلمني قال لي تعال أعلمك…
همست الأم: اخفض صوتك لأنه على وشك الوصول!
كل هذا والأب يسمع حديثهما.
تابع سمير: هل أصارحك بشيء يا أمي؟ عندما أذهب الى بيت أحمد صديقي ويعود أبوه من العمل.. يستأذن أحمد مني ليفتح الباب لأبيه.. وعندما يفتح الباب ليسلم على أبيه، يسأله أبوه وهو يفتح يداه.. أين حضن أحمد؟ فيقول له أحمد هنا!! ويرمي بنفسه في حضن أبيه، وبعدها يعود لنكمل اللعب.
الكلمة هزت الأب كثيرا وهو يسمعهما..

هرعت الأم إلى ولدها وحضنته بقوة وقالت له: ألم أحضنك أنا كل يوم عند عودتك من المدرسة؟
وهنا سمع الأب الكلمة التي فتحت سيول دموعه وهو جالس في السيارة..
قال لها: ياأمي! أنا جائع لحضن أبي!!..
قالت له: يا سمير!.. إن أباك يعود من العمل وقد أنهكه التعب!!
قال لها: أعرف.. ويحمل معه دائما احتياجات البيت.. وعندما يجلس ليستريح يمسك الهاتف ويكمل اتصالاته!..
وبعدها طلب سمير من أمه هاتفها ليلعب به حتى يحين موعد الغداء.
بسرعة أقفل أبو سمير الخطّ قبل أن يحس به ابنه، وأخذ يفكر في كلام ولده. فبدأ يعيد علاقته في بيته كشريط سنيمائي.. فكانت مشاعره كلها تهتز كلما أعاد الكلام الذي سمعه.. وسأل نفسه سؤالا.. كيف عدّت سنين من عمر ابنه من غير أن يفكر بأحتضانه؟ وفي هذه اللحظة، أحس أنه هو المحتاج كثيرا لحضن ولده..
مرّ على محل، واشترى شطرنج جديد.. وغلفه كأحلى هدية.. ورجع مسرعاً إلى البيت..
لم يكن يعرف ماذا سيفعل أو كيف يبدأ، كلّ الذي كان يعرفه أنه عليه تغيير نفسه وتصليح الأوضاع..
ترك أوراق عمله فى سيارته.. لم يكن في يده غير الهدية..
وقف بالهدية على باب الشقة.. ولم يفتح الباب بالمفتاح.. رنّ الجرس لأنه يعلم أن سمير سوف يجري ليفتح الباب…
وعندما فتح سمير الباب.. وجد أباه واقفا يحمل الهدية.. وعلى وجهه ابتسامة حبّ عريضة، لم يرَها سمير من قبل!
قالت الأم: من يا سمير؟
قال لها: إنه أبي!

علق سمير عينيه على الهدية وقال في سرِّه: أكيد هي ليست لي..
دخل أبوه وقفل سمير الباب. وهو فى طريق عودته لغرفته كان أبوه لا يزال واقفا على الباب..
سمع أبوه يقول له: أين حضن سمير؟
تَسَمَّرَ سمير في مكانه.. وبدأ يدور برأسه كأنه يبحث ليتأكد أنّ ما سمعه حقيقة!
ثم قال: هل قلت شيئا يا أبي؟..قال له: نعم، قلت لك أين حضن سمير؟؟..
صرخ سمير وهو يفتح ذراعيه ويرتمي في حضن أبيه: هذاااا حضننن سمييير!!..
رمى أبوه الهدية على الأرض وحضن ابنه. وظلّ يُقبِّل ابنه في كل مكان وهو يحمله.. وكأنه يراه للمرة الأولى..
خرجت الأم من المطبخ وهي تقول: حالاً سيكون الغداء جاهـــزًا!!
فوقفت مكانها مستغربة وهي تشاهد زوجها يحمل سمير.. وكأنّ الإتنين في دنيا غير الدنيا، بل حتى لم ينتبها لدخولها..
ثم جلس وهو في حضنه وهمس لزوجته أن تؤجل الغداء…
مرَّ الوقت وسمير لا يريد أن يترك حضن أبيه حتى غطَّ في نوم عميق.. وبعدها نام الأب الذي أدرك أنه هو من كان الأكثر جوعا لحضن ولده..
استيقظ سمير ثم نظر إلى أبيه وهو نائم.. فابتسم وقرص نفسه ليتأكد أنه ليس حلما ثم أكمل نومه..
انتبهوا الى تصرفاتكم مع أولادكم!! لا تتركوهم يحسوا بالغيرة من بيوت أصحابهم..
دعوهم يعرفوا ويشعروا بدفء أحضان الآباء والأمهات، لأنهم إذا لم يجدوا الدفء بأحضانكم داخل البيت، فسوف يبحثون عنه حتمًا في الخارج..
وما يكون بالخارج سوف يكون ثمنه غاليا، وأنتم من سيدفع الفاتورة..
بالمناسبة أنتم أيضا جائعون لأحضان فلذات أكبادكم.. إنها ليست مجرد قصة! سمیر موجود فى بيوت الکثیر منكم.. وهناك أيضا الكثير من الآباء والأمهات من هم جائعون لحضن أولادهم..
اشبعوا من أولادكم وأشْبِعوهم منکم قبل فوات الاوآن…!!!

ـــــــــــــــــــــــــــ

إقرأ أيضا: كن على طبيعتك.. قصة وحكمة

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?