الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ فِي الِإسْلَامِ تَخْضَعُ لِأصُولٍ سُلُوكِيَّةٍ وَمَبَادِئَ إِنْسَانِيَّةٍ، وَتَجْلُبُ السَّعَادَةَ وَالحُبَّ وَالرَّحْمَةَ عِنْدَ الإِلْتِزَامِ بِهَا. وَتُشْعِرُ كُلَّ طَرَفٍ فِيهَا أَنَّهُ شَرِيكٌ لِلْآخرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ الَلهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} سورة الروم آية 21. وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الزَّوَاجِ النَّاجِحِ فِي الإِسْلَامِ، الاِخْتِيَارُ عَلَى أَسَاسِ الدِّينِ وَالخُلُقِ. فَقَدْ وَرَدَ عَنِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: (اظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ).

لذلك رتب الإسلام حقوقاً وواجباتٍ لكل من الزّوجين، لضمان استمرارهما في الحياةِ الأسريةِ بسعادةٍ، ولتجنب الهمومِ والصراعاتِ بينهما، والتي نسمعها كل يومٍ بعد فترةٍ قصيرةٍ من الزّواج. فعلى الزّوج أن يُدركَ أنَّ قوامتَهُ الشرعيّة، هي مسؤوليّةٌ يقوم بها لدوام المحبّةِ والسعادةِ، ولا تَعْنِي التّسلّطَ والبطشَ. وعلى الزوجة أيضاً أن تدرك أن طاعتها لزوجها، هي مفتاحُ السّعادة في الدّنيا، ومفتاح الجنّة في الآخرةِ، وليست انتقاصاً لكرامتها أو إهانة لشخصها.

اقرأ أيضا: كيف تنقذ زواجك عندما يبدو أن كل شيء قد ضاع؟

السعادةُ الزوجيةُ ثمرةُ جهودِ كلٍّ من الزوجين في تفاعلهما وتوافقهما معاً، ولكي تتحقق هذه السعادة والمودة والرحمة، نصَّ الإسلام على شروط الحياة الزوجية التي يجب احترامها:

–  يجب أن يتقي الزوجُ اللهَ في زوجته وأبنائه، وعلى الزوجة أن تتقي الله في زوجها وأولادها. لأن استقرار البيوت مبنيٌّ على تقوى الله. قال الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} سورة الطلاق آية 4.

–  تَحدُّثُ الأزواج إلى بعضهما بكلماتٍ طيبةٍ تُسعدُ كلاهما، وتُثلجُ قلوبهما. والكلام المعسول له سحرٌ قويٌّ على الأزواج، وتأثير وَقْعِهِ على المرأة مثله على الرَّجل، يُقوِّي العلاقة العاطفية، ويُشعل مشاعر الحبّ، ويجدد أواصر المودّةِ والرّحمةِ بينهما.

–  الدعاء الطيب لبعضهما البعض بالألفة والمحبة، ودوام العشرة الطيبة، والسكينة، والاستقرار، من أسباب سعادة الحياة الزوجية. كما أن فيه قدر كبير من الطمأنينة والراحة والسكون لنفسيهما.

–  انصات الزوجين والاستماع بمهارةٍ لحديث بعضهما البعض، وإظهار الاهتمام، والاستجابة لحاجات كل طرف منهما، يزيد من السعادة الزوجية.

اقرأ أيضا: كيف تُبنى الثقة من جديد بين الأزواج

–  الاحترام المتبادل بين الزوجين من أساسيات الحياة الزوجية السعيدة، وواجب على الطرفين. ويشمل هذا الاحترام المتبادل، احترام عمل الشريك ومواهبه وطموحه، وتقدير أهله وإكرامهم.

–  ألا يهجر الزوج زوجته أثناء الدورة الشهرية، بل على العكس، يجب عليه أن يستغل هذه الفترة لمغازلتها، لتشويقها، لاحتضانها. لقد كان سيد البشرية عليه السلام يقبل زوجاته أثناء الحيض ويداعبهن.

–  العلاقة الحميمة أساسها الحب والود، وهي من أهم أسرار السعادة الزوجية. فلا يتم الاستعجال فيها. والعلاقة الجنسية تبدأ بالمداعبة والملاطفة والقبلات.

–  في حال أخطأ أحدهما في حق الآخر، والخطأ أمرٌ واردٌ، فإن البعد عن الَّلوم وطلب الصّفح من الشريك شيئان أساسيان في العلاقة الزوجية، لما لهما من فوائد عديدة في زيادة التقارب والتفاهم، والمودّة بين الزوجين.

–  السباحة في نعيم السّعادة الزّوجية، تشترط إحسان الظّن، لأن الإسلام نهى عن سوء الظّن، لأنه يسبب الكراهية، ويقطع حبال المودّة والمحبّة، ويزرع البغضاء والشّحناء، مما ينذر بزلزال يهزّ أركان بيتهما.

–  كل من الزوجين له ما عليه من واجباتٍ وما له من حقوقٍ؛ ولا يجب تكليف الشريك بما لا يطيق. وتقدير كلّ طرفٍ من الزوجين لجهود شريكه، يزيد من شدّة ارتباط الزوجين ببعضهما ويزيد سعادتهما معاً.

–  الزّواج مسؤولية كبيرة جداً، ومخطئ من يظن أن التعاون في بعض شؤون البيت نقْصٌ من قوامة الرجل، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يساعد أهل بيته، وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويعاون زوجه.

–  المصارحة الزوجية شيء أساسي في الحياة الزوجين، لأنها تولد الثقة والاستقرار. وإخفاء الزوجين عيوبهما عن بعضهما البعض، من العوامل المساهمة في حدوث الصراع فيما بينهما، وحرمانهما من السعادة الزوجية. وعلى الزوج مصارحة زوجته بكل شيء قبل الزواج، ونفس الشيئ بالنسبة للزوجة.

–  قد تختلف طبيعة الزوجين كمّاً وكيفاً، لكن الأهم في العلاقة الزوجية هو السعى نحو التكامل، لأنه أمر عادي أن يكون الاختلاف في الطّبع والطّبيعة بين كل إثنين، حتى لو كان بينهما الكثير من علامات الاتفاق قبل الزواج.

–  يجب بذل أكبر قدرٍ من المجهودِ لتجديد روح الحيوية في العلاقة، واختيار أنشطة تُرضي الطرفين لقضاءِ مزيدٍ من الوقت معاً. لأن أحياناً يَتسرَّب الملل إلى الحياة الزوجية، خاصة مع ضغوط الحياة اليومية.

اقرأ أيضا: وصية أب لابنه يوم زواجه

–  لا شيء يمكن أن يهدد سعادة الزوجين قدر فشل العلاقة الجنسية بسبب قلة النظافة، كريح الفم والعرق، وعفَن اللّثَة والأسنان، عند أحد الزوجين أو كليهما. فالنظافة الشخصية للشريكين تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على العلاقة الزوجية السعيدة.

اقرأ أيضا: 10 نصائح لممارسة جنسية ممتعة

–  الاهتمام بحسن المظهر واللباس لا يمكن التقليل من شأنه. من المعروف أن يتزين كلا الزوجين منهما للآخر، فكما يحب الزوج أن تتزين له زوجته، كذلك الحال بالنسبة لها، تحب أن يتزين لها. كان ابن عباس يقول: إني أحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي. لأن الله تعالى يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

–  ستر كل من الزوجين ما يراه من الآخر، وستر بعضهما بالحلال عن الحرام، وألَّا يَبُوحَا بالأسرار أو المشكلات الزوجية التي تقع بينهما. وأن تحفظ الزوجة نفسها في غَيبة زوجها، وتحفظ عرضه، وماله، وولده. وأن يحفظها في نفسه، وفي الوفاء بعدها.

ــــــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضا: وصية أم لابنتها ليلة زفافها

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?