ظاهرة التدين الشكلي أو قضية الظاهر قد تبدو في أشياء متعددة، فظواهر التدين قد تكون اللحية، وتقصير الثوب، وقد تكون إقامة الحروف والتجويد، وقد تكون أشياء مما يعلق، وبعضها قد يكون من الدين، وبعضها قد يكون طارئاً من البدع التي يظهر بها شيء من التدين، لكنها في الحقيقة لا دليل عليها، ولذلك يجب التوقف ملياً عند قضية الظاهر؛ لأن بعض الناس ربما يشعر أنه يريح ضميره في قضية التدين بإبراز بعض الظواهر، لكن الممارسة العملية عليها مؤاخذات كثيرة، لماذا كان السلف لا يتجاوزن العشر آيات من القرآن حتى يعرفوا معانيها؟ لأجل العمل، التمكن من العمل.

إقرأ أيضا:  25 خطأً شائعاً في الصلاة .. تجنبها

وهنالك من الناس من عنده بعض العبادات، فتراه يصلي، ويحج، ويعتمر، ويصوم، وهذه لديها حجاب جيد، وهذا عنده سمت إسلامي، ومظهر موافق للسنّة، لكن تعال إلى الخوف من الله، محبة الله، رجاء الله، التوكل على الله، الصدق مع الله، التذلل، التوبة، الذل للرب…  تجد أن هذه المعاني ضعيفة، ولذلك لا يعتبر هذا الشخص قد أراح ضميره وقام بما عليه، وإن كانت من الدين ومن السنة، لكنها ليست هي الإسلام،  لأن  الإسلام بني على خمس، وهذه الخمسة أركان هي أعمدة الدين، لكن فوقها بناء: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجار، وصلة الرحم.. وهكذا، فإذا كان عندك أعمدة بلا بناء فوقها فما الذي يظلك؟

شاهد أيضا: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ.. قاعدة الوفاء لحق العشرة

وتجد عند الناس في هذا إفراط وتفريط: فمنهم من يعامل الخالق في بيته معاملة حسنة، لكن إذا خرج إلى الخلق عاملهم معاملة سيئة. ومنهم من يتعامل مع الناس معاملة حسنة، لكنه في غاية السوء في معاملته مع ربه؛ لأنه مضيع، {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ}[مريم: 59]، فهو في العمل جيد، وفي الدراسة جيد، وفي المعاملة مع الناس جيد، لكن في المعاملة مع الله في صلاة الفجر والعصر ليس بجيد، وللنفس الطويل في ممارسة العبادة مما ينقص.

وبعض الناس عنده محافظة على الصف الأول، لكنه لا يخلص في عمله، ولا يكون أميناً في معاملته. وبعضهم يحج ويتقاضى رشوة، يصوم فرضاً وتطوعاً وعنده معاملات ربوية، ربما يتدين بحضور بعض مجالس الذكر لكن هنالك تقصير كبير في قضية العقود مع الخلق، والعهود معهم. وبعضهم ربما يحن إلى سبحة يحركها في يده، ويعالج بها شيئاً في نفسه من شعار يحس به بالانتماء لهذا الدين، لكن في الحقيقة كم مرة يسبح بها؟ وكم مرة يذكر بها؟

شاهد أيضا:  صفات المؤمن الاجتماعية

إن الحرص على هداية الناس بالإضافة إلى الالتزام الشخصي بالدين أمر مهم جداً؛ وعندما ندعو إليه يجب أن ندعو إليه بالشمولية التي جاء بها؛ لأن بعضهم قد يكتفي من الشخص إذا دعاه أن يلتزم بالشعائر الظاهرة، أو ببعض المظاهر من الدين، لكن في قلب الآخر المدعو لم يحدث تغيير جذري، وهذا المدعو قد يوافق الداعية طوعاً، أو كرهاً، محبة، عاطفة،  ميلاً، تشبهاً بإعجاب، لكن التغيير الحقيقي هو أن يضاف إلى هذا التغيير الشكلي، الجيد، الممتاز، الحسن، الموافق للسنة، الذي يجب أن نحرص عليه أن يضاف إلى ذلك التغيير للقلب، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

__________________

إقرأ أيضا : كيف تتجنب الوقوع في حبائل الشيطان

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?