الطَّوَارِقُ هِيَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ القَبَائِلِ الأَمَازِيغَيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الأَصْلُ الشَّائِعُ لَهُمْ. صَاهَرُوا العَرَبَ وَالأَفَارِقَةَ، لَكِنَّهُمْ فَضَّلُوا الاِنْعِزَالَ فِي مَوَاطِنِهِم الأَصْلِيَّةِ، بَعِيداً عَنْ أَطْمَاعِ الرُّومَانِ وَجُيُوشِ شِبْهِ الجَزِيرَةِ الإيبِيرِيَّةِ، وَذَلِكَ فِي الصَّحْرَاءِ الكُبْرَى المُمْتَدَّةِ مِنَ الحُدُودِ الشَّمَالِيَّةِ الغَرْبِيَّةِ لِجَمْهُورِيَّةِ مَالِي، وَمُورِيتَانيَا، وَحُدُودِ السُّودَانِ، حَتَّى جَنُوب شَرْقِ الجَزَائِرِ مُرُوراً بِشَمَالِ النِّيجِر، وَتْشَاد، وَجَنُوب غَرْبِ لِيبْيا. يُفَضِّلُ الطَّوَارِقُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِمْ “إيماجِغْنْ” وَتَعْنِي الأمازيغ أَيْ ’’الرِّجَالُ الأحْرَارُ‘‘.

سبب تسميتهم بالطوارق

الشائع هو أن تسمية الطوارق مشتقة من اللغة العربية، وإنْ ساد تضاربٌ حول معناها. في أوائل العصر الإسلامي عرفوا بـ ’’الملثمين‘‘، ثم ’’المرابطين‘‘، وأخيراً في العصر الحديث، عرفوا بـ ’’الطوارق‘‘، والذين مازالوا يستقرون بنفس البقاع التي كان يسكنها شعوب الملثمين في العصور الوسطى. تنوّعت الأطروحات عن مصدر التسمية واختلف المؤرخون حول ذلك، فمنهم من قال أن سبب تسميتهم بالطوارق هو نسبة للقائد المسلم طارق بن زياد، وهناك من رأى أن إسمهم يعود إلى طروقهم في الصحراء وتوغلهم فيها، وهناك من قال أن سبب التسمية يعود لاستقرارهم بوادي الآجال في الجنوب الليبي، والذي يطلق عليه بلغة الطوارق وادي “تارقا”، وبذلك تعارف الناس على تسميهم بـ ’’التوارق‘‘ ونسبتهم لهذا الوادي، حيث لا تزال توجد فيه مجموعات من شعب الطوارق.

التعداد السكاني

غلب التوتر على علاقة الطوارق بحكومات الدول التي يتواجدون فيها، لذلك فهي تحاول دائمًا تقليل عددهم في الإحصائيات الرسمية للتقليل من شأنهم، وكسر شوكتهم، ووأد نضالهم المستميت لنيل استقلالهم، أو انفصالهم وتمتعهم بحكم ذاتي، خاصة في النيجر ومالي. وتذهب التقديرات غير الرسمية إلى أن عددهم الإجمالي يتراوح بين 3.5 ملايين و4 ملايين عام 2006م.

اللغة 

يتكلم الطوارق لغة ’’التماشاك‘‘، وهي لغة أمازيغية حروف أبجديتها تسمى ’’تيفيناغ‘‘، وهي مؤلفة من 24 حرفاً، وتكتب من اليسار إلى اليمين. تتكون لغة الطوارق من ثلاث لهجات: تماشق، وتماجق، وتماهق، وهي لغة نادرة يرجع تاريخها إلى 3000 سنة قبل الميلاد، كما يدل على ذلك آثار نقوشها في الصحراء الكبرى وأفريقيا الشمالية. وتعتبر ’’التماشاك‘‘ اللغة الأفريقية الوحيدة التي تحْوي حرف الضاد الذي تمتاز به اللغة العربية. وفي سنة 2016 اعتمدتها إدارة “فيسبوك” بشكل رسمي ضمن اللغات العالمية المعتمدة، التي يمكن للمتصفح أن يختارها خلال زيارته للموقع.

اقرأ أيضا: الظهران.. قصة اكتشاف النفط

الديانة

الطوارق من القبائل البربرية المسلمة السنّية، يتبعون مذهب الامام مالك بن أنس، ويفهمون اللغة العربية، ويحفظون القرآن الكريم. كان لهم دور في نشر الدين الإسلامي، خاصة عندما أسسوا مملكة أودغست، ثم دولة المرابطين التي تمكنت من استرجاع أودغست من بعدها، وفتحوا الكثير من بلاد السودان الغربية، ونشروا تعاليم الإسلام على منهج المذهب المالكي، وواصلوا حملتهم لنشر الدعوة لمدة 14 سنة.

الثقافة

للحديث عن المخزون الأدبي لشعب الطوارق، فإن باستثناء ما جمعه بعض المستشرقين قبل قرن من الزمان، كالفرنسي ’’شارل دو فوكو‘‘، أو الأعمال الصادرة حديثاً التي قام بجمعها باحثون من الطوارق أو باحثون غربيون، فإن الطوارق ليس لهم أدب مكتوب، وإنما لهم أدب شفوي ينتقل من جيل إلى جيل بالمشافهة. أما عن ابداعهم في الموسيقى، فإن شعب الطوارق تميز بآلات موسيقية خاصة بهم، كآلة ’’إمزاد‘‘ التي أُدرِجت ضمن لائحة التراث العالمي الثقافي اللَّامادي للإنسانية. وتَمْتَهِنُ طبقة الحرفيين الحرف اليدوية، وتصنع السُّروج المعدنية والجلدية، والصناديق ذات الزخارف الحديدية والنحاسية المعقدة التي تستخدم لحمل الأمتعة، والسيوف والحلي والمجوهرات المصنوعة من الذهب أو الفضة.

اقرأ أيضا: معارك رمضانية.. انتصارات وفتوحات

اللثام

اللثام الأزرق النيلي الذي يرتديه الطوارق، هو أكثر ما يشتهر به رجالهم، وأكثر ما يثير غموض الناس. ويعزو الطوارق جذور هذه الظاهرة إلى أن اللثام كان سائداً بين جميع القبائل التي تسكن الصحراء، وأنه واجب في العُرْف والعادات عندهم، وأن التخلي عنه مسبَّة وعارٌ، إلا أن معظم هذه القبائل تخلَّت عنه منذ فترة من الزمن، بينما الطوارق مازالوا حريصين على ارتدائه. ويعتقد معظم المؤرخين أن سبب ارتداء اللثام، هو من أجل حمايتهم من رمال الصحراء، بينما تعزو تكهُّناتٌ سبب ارتدائه إلى اعتقادهم أن على الرجال إخفاء تعبيرات وجههم وبالتالي مشاعرهم، خاصة أمام الغرباء. عند سنِّ  25 سنة، يبدأ شباب الطوارق في ارتداء اللثام وتغطية الوجه بأكمله عدا العينين، ونادراً ما يخلعونه حتى أمام أفراد الأسرة.

الطعام

اشتهر شعب الطوارق بصبره على الجوع والعطش، والعيش على المتوفر من حوله، لأنه اعتاد العيش القاسي في الصحراء. كما اشتهر بشربه للشاي الأخضر المحلَّى بالسّكَّر في كؤوس زجاجية صغيرة، يحرص على أن يكون نصفها الأعلى رغوة. وحسب الزراعة المتوفرة في مناطق استقرارهم، يأكل الطوارق من الحبوب (الذرة، الدخن، القمح، الشعير)، ويخبزون الخبز على الجمر. وحسب المتوفر عندهم من الماشية يشربون من ألبانها ويأكلون من أجبانها. أما لحومها، فإنهم يشْوُونَها في الرَّمل الحامي، حتى تصير أقرب للنضج فيأكلونها.

الفلك 

بفضل إتقانهم لطريقة الاهتداء بالنجوم، والمراقبة الجيدة للأجرام السماوية، يتميز شعب الطوارق بمعرفتهم الجيدة لمسالك المناطق الطبيعية الصعبة وأماكن وجود الماء في الصحراء.

ـــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضا: معارك رمضانية.. انتصارات وفتوحات

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?