لم يكُ شهر رمضان لفضله العظيم فقط أنه به ليلة خير من ألف شهر فيها نزل القرآن الكريم؛ ولم يكُ فضله فقط في سلسلة الشياطين ورفع الأعمال الصالحة، ولم يكتفِ رسولنا الكريم وصحابته الكرام ومن ساروا علي نهجه من خلافات متعاقبة أنه شهر عبادة وصيام وقيام، بل أحيوا فيه فريضة الجهاد، ولم يمنعهم الصوم منها. فكما كان شهر القرآن، كان أيضا شهر الانتصار والفتوحات للمسلمين. وهذا ما ستتضمنه هذه المقالة وبإيجاز عن أشهر الغزوات والمعارك الاسلامية.

فقد بدأت انتصارات المسلمين في غزوة بدر في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وفيها انتصر المسلمون علي كفار قريش. وفي السنة الخامسة كان استعداد المسلمين لغزوة الأحزاب وحفر الخندق، وأما المعركة فقد وقعت في شوال من العام نفسه. وفي السنة الثامنة هجرية مَنَّ الله علي المسلمين بفتح مكة. ووقعت بعض أحداث غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهِجرة. أما في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، كانت معركة البُويب بين المسلمين والمجوس، بقيادة المثنى بن حارثة -رضي الله عنه- في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وكان النصر فيها عظيمًا، وكانت نظير معركة اليرموك بالشام.

فتح النوبه سنة 31 هجرية: عندما افتتح المسلمون مصر كان في شمال السودان ووسطه وجنوبه مملكتان تعرفان بمملكة ((النوبة)) هما مملكة “مقرة” في الشمال وتعرف بـ ((النوبة السفلى والوسطى)) ومملكة “علوة” في الجنوب وتعرف بـ ((النوبة العليا)). وما ان استتب الأمر لعمرو بن العاص في مصر، حتى سَير حملة جنوبا بقيادة عبدالله بن أبي السرح لنشر الإسلام في بلاد النوبة النصرانية، ولتأمين حدود مصر الجنوبية. قوبلت الحملة بمقاومة عنيفة لم تستطع التوغل جنوبا! وبعد قتال عنيف تم عقد معاهدة حسن الجوار، عرفت باسم معاهدة (البقط)!.. ظلت هذه المعاهدة أساس التعامل لمدة ستة قرون، تسللت معها القبائل العربية المسلمة، وتمازجت مع القبائل النوبية، ليدخل الناس في دين الله أفواجا.

معركة وادي لكة بقيادة طارق بن زياد: رحل لُذريق ملك إسبانيا إلى بلدة شَذُونَة وأتمَّ بها استعداداته، ثم اتَّجه إلى لقاء المسلمين. ودارت بين الفريقين معركة فاصلة بالقرب من وادي لكة أو وادي برباط، وكان اللقاء قويًّا ابتدأ في 28 من رمضان 92ه الموافق لـ 18 من يوليو 711م، وظلَّ مستمرًّا ثمانية أيام. أبلى المسلمون خلالها بلاءً حسنًا، وثَبَتُوا في أرض المعركة.

معركة بلاط الشهداء: وهو سهل قريب من مدينة بُواتييه الفرنسية قرب باريس، وقعت فيه المعركة الشهيرة بين المسلمين والفرنجة بقيادة عبدالرحمن الغافقي سنة أربع عشرة ومائة للهجرة في أواخر شعبان وأول رمضان، وقد قتل فيها الغافقي -رحمه الله- وانهزم المسلمون.

فتح “حارِم”: حصن حصين، وكورة جليل، تجاه “أنطاكية”. قال شهاب المقدسي :”قال العماد الكاتب: وفي تلك السنة -يعني: سنة تسع وخمسين وخمس مئة–  اغتنم نور الدين خلو الشام من الفرنج وقصدهم، واجتمعوا على “حارِم ” فضرب معهم المصاف، (أي وقف بجيشه صفوفاً أمامهم)، فرزقه الله تعالى الانتقام منهم فأسرهم وقتلهم، ووقع في الإسار إبرنس أنطاكية، وقومص طرابلس، وابن لجوسلين ودوك الروم، وذلك في رمضان.

فتح عمورية: وهي بلدة كبيرة قرب أنقرة في تركيا الآن، وكانت من أفضل بلاد النصرانية، وأشرف عندهم من القسطنطينية، وكان الروم قد هاجموا المسلمين وقتلوا منهم مقتلةً عظيمةً، وأسروا الرجال وسبَوا النساء، فصاحت منهم امرأة هاشمية: “وامعتصماه”، فبلغ الخبر المعتصم، فأجابها وهو جالس على عرشه: (لبيك، لبيكِ)، وجهز جيشًا عظيمًا، وخرج إلى الروم، فافتتح عمورية في رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

معركة الزلاقة: وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً كانت في سنة 479هـ.

معركة المنصورة: وكانت في شهر رمضان سنة 647هـ ضد الصليبيين. فقد قدِم “لويس التاسع” ملك فرنسا يقود جيشًا قوامه 110 آلاف مقاتل، مزودين بأحدث أنواع الأسلحة، في أحدث حملة صليبية، وهي الحملة الصليبية السابعة ضد مصر، كان طابع الحملة استعماريًّا اقتصاديًّا، وقام الملك لويس التاسع بالاتصال مع المغول للضغط على الشرق الإسلامي من الجانبين، وواصل زحفه حتى استولى على دمياط سنة 1249م، ثم توجّه إلى المنصورة، وعلى ضفاف البحر الصغير دارت معركة حامية، اشترك فيها العربان والمشايخ والفلاحون، واشترك في تعبئة الروح المعنوية “العز بن عبد السلام” وهو يومئذ ضرير، وكان قائد الجيوش فخر الدين ابن شيخ الإسلام الجويني، وانتهت المعركة بأن أسر المسلمون من الصليبيين مائة ألف وقتلوا عشر آلاف، وأُسر الملك لويس التاسع، وسجن بدار ابن لقمان بالمنصورة، ثم افتُدي الملك بدفع (40 ألف دينار)، وأٌطلق سراحه.

موقعة حطين: كانت في رمضان سنة 584هـ بقيادة صلاح الدين.

موقعة عين جالوت: وفبها انتصر السلطان قطز علي التتار في رمضان 658هجرية.

فتح أنطاكية: وكانت في الرابع من رمضان من عام 666 للهجرة (1268 ميلادي). نجح المسلمين بقيادة الظاهر بيبرس في استرداد مدينة إنطاكية من يد الصليبيين، بعد أن ظلت أسيرة في أيديهم 170 عامًا.

حرب رمضان 1973 أو حرب أكتوبر: كان في رمضان سنة 1393هـ، وفيها تمكنت القوات العربية المسلمة من الانتصار على القوات الصهيونية الغاصبة، فعبرت الجيوش العربية قناة السويس وحطمت أسطورة “الجيش الإسرائيلي” الذي لا يقهر، وهدموا بحمد الله خط بارليف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضا: إيبيريا.. حيث حضارة الأندلس شامخة

 

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?