ظ مِنْ مَظَاهِرِ الخِيرِ كَثْرَةُ إِقْبَالِ النَّاسِ عَلَى العُمْرَةِ فِي رَمَضان وَفِي الإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ وَسَائِرِ السَّنَةِ، وَحَقّ لَهُمْ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا..) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَة، وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ حَجَّتِهِ، قَالَ لِأُمِّ سِنَان الأَنْصَارِيَّة: مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قَالَتْ: أَبُو فُلَان تَعْنِي زَوْجَهَاــ لَهُ نَاضِحَانِ (أَيْ جَمَلَان) حَجَّ علَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضاً لَنَا. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: (فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانَ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي) مُتَّفَقُ عَلَيْه.
1. يعتقد بعض الناس أن ثوب المرأة للإحرام محدد باللون الأخضر أو الأسود أو الأبيض؛ وهذا غير صحيح؛ فإنه لم يثبت في تحديد لون الثوب شيء.
2. التلفظ بالنية كأن يقول: (اللهم إني أريد، أو نويت نسك كذا فيسره لي) غير مشروع، والمشروع أن يلبي بنسكه فيقول: لبيك عمرة.
3. يجوز للمحرم أن يستعمل الصابون، ووسائل النظافة الأخرى، والمرهم؛ لأنها ليست من محظورات الإحرام، بشرط: ألا تكون معطرة.
4. يجوز للمحرم أيضاً أن يستعمل السّواك وفرشاة و معجون الأسنان. أما النكهة الطيبة التي تصاحب معجون الأسنان كرائحة النعناع مثلاً فلا تضرّ؛ لأنها ليست طيباً.
5. التلبية الجماعية بصوت واحد -التي يفعلها بعض الحجاج- بدعة، لم تثبت عن النبي ﷺ، ولا عن أحد من أصحابه. والصّواب أن يُلبِّي كل معتمرٍ بصوتٍ منفردٍ.
6. لا يلـزم أن يستمر المحرم (رجـلاً كـان أو امـرأة) في الثوب الذي أحرم فيـه طيلة النسك، بل يجوز أن يغيره مـتى شـاء، ويجوز له أن يغتسل للتنظف؛ لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام.
7. يجوز للمرأة أن تمشط شعرها، وأن تحكّ بدنها؛ بشرط أن لا تتعمد إزالة الشعر. لقول أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-: «كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ». أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
8. القادمون للعمرة بالطائرة إلى جدّة: الواجب عليهم أن يحرموا في الطائرة إذا حاذوا الميقات. وإذا رغب القادم للعمرة أن يمكث في جدة يوماً أو يومين ثم ينزل إلى مكة، فالأفضل في حقه أن يبادر بالعمرة ثم يرجع إلى جدّة، فإن لم يفعل مكث في جدّة بإحرامه. فإذا انتهى من عمله أكمل عمرته، أو أنه لا يحرم أصلا، فإذا انتهى من عمله في جدة، رجع إلى الميقات فأحرم منه.
9. من سافر إلى جدّة وهو لم يرد العمرة، أو كان متردداً في العمرة، ثم عزم على العمرة وهو في جدة: أحرم من جدّة لأنه لم يعزم على العمرة إلا منها، فأصبح حكمه حكم أهل جدّة ، وأهل جدّة يحرمون منها، لأنهم دون المواقيت، كما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وقَّت رسول الله ﷺ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها» أخرجه البخاري ومسلم.
10. من فعل محظوراً من محظورات الإحرام وهو ناسٍ أو جاهل فلا شيء عليه، لقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال ابن عباس: “لما نزلت هذه الآية، قال الله: قد فعلت” أخرجه مسلم.
اقرأ أيضا: وفِرّوا من الدَّيْن فِراركم من النَّار
11. على المعتمر أن يحرص على ستر عورته؛ فإن بعض الرجال قد تنكشف عورته أمام الآخرين أثناء الجلوس أو النوم وهو لا يشعر.
12. الطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير أهل العلم. بخلاف السعي فلا تشترط له الطهارة، فمن سعى على غير طهارة، فسعيه صحيح، ولا شيء عليه.
13. إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف، أو حضرت صلاة جنازة؛ فصلِّ معهم، ثم أكمل الطواف من حيث توقفـت. ولا تنس تغطية العاتقين أثناء الصلاة؛ فإن تغطيتهما في الصلاة واجبة.
14. إذا احتجت للجلوس قليلاً، أو لشرب ماء، أو للانتقال من الدور الأرضي إلى الدور العلوي، أو العكس أثناء الطواف فلا حرج.
15. إذا شككت في عدد الأشواط فتحرَّ الصواب؛ فإن غلب على ظنك شيء فاعمل به، وإن لم يغلب على ظنك شيء فابن على اليقين: وهو الأقل؛ فإذا شككت هل طُفْتَ ثلاثة أشواط أو أربعة فاجعلها ثلاثة.
16. بعض المعتمرين يضطبع من أول لبس الإحرام، ويبقى مضطبعاً حتى ينتهي من العمرة، وهذا خطأ، والمشروع أن يغطي كتفيه، ولا يضطبع إلا في الطواف الأول.
17. ركعتا الطواف يُسَنُّ فعلهما خلف المقام. ومن الخطأ ما يفعله بعض المعتمرين من الصلاة خلف المقام في أوقات الزحام، فيُؤذون بذلك الطائفين، والصّواب: أن يرجع إلى الخلف، حتى يبتعد عن الطائفين، فيجعل المقام بينه وبين الكعبة. وإن صلَّاها في أي موضعٍ من الحرم أجزأت.
18. ينتشر بين بعض الناس في الطواف و السعي بدعتان:
- الأولى: التزامُ دعاءٍ معين لكل شوط، كما هو موجود في بعض الكتيِّبات.
- الثانية: دعاء مجموعة من الحجاج خلف قائد لهم بصوت واحد مرتفع.
فعلى الحاج أن يحذر من هاتين البدعتين؛ لأنه لم يثبت فيهما شيء عن النبي ﷺ أو أحد من أصحابه رضي الله عنهم. وفيه أيضاً إيذاء وتشويش شديد على الطائفين.
19. المحظور في حق المرأة مخيط الوجه واليدين؛ فلا يجوز أن تغطي وجهها بالنقاب، أو البرقع، أو اللثام، ويجوز لها أن تغطي وجهها بغير ذلك كالغطاء العادي. ولا يجوز أن تلبس القفازين، ولكن يجب أن تغطيهما أمام الرجال الأجانب بإدخال اليدين في العباءة؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أن النبي ﷺ قال: «..ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» أخرجه البخاري. و يعتقد بعض النساء جواز كشف الوجه أمام الرجال ما دامت محرمة وهذا خطأ، والواجب تغطيته؛ ومن الأدلة على ذلك:
أ. قول عائشة -رضي الله عنها-: «كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ مُحرِمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه » أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن.
ب. وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: « كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ».
20. بعض الناس يكتفي بتقصير جزء من شعر الرأس من الأمام والخلف، وهذا التقصير لا يكفي، والواجب أن يعمّ جميع الرأس بالحلق أو التقصير، لقوله تعالى: {محلقين رؤوسكم ومقصرين}.
21. المرأة الحائض يجوز لها أن تحرم بالعمرة، ولكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر. وإذا كانت تخشى أن يرجع أهلها من مكة وهي لم تطهر وهي مضطرة للرجوع معهم، فالحل هنا: ألا تحرم وتدخل مكة بدون إحرام، فإن رجع أهلها وهي لم تطهر رجعت معهم ولا حرج عليها لأنها لم تحرم، وإن طهرت وهي في مكة أحرمت بالعمرة كأهل مكة من أدنى الحل كالتنعيم وطافت وسعت وقصرت؛ لأنها تجاوزت الميقات وهي غير جازمة بالعمرة. أما إذا تجاوزت الميقات وهي عازمة على العمرة لكنها لا تريد أن تبقى محرمة عدة أيام قبل الطهر، فالواجب عليها أن ترجع إلى الميقات وتحرم منه؛ لأنه وجب في حقها الإحرام من الميقات.
22. ينبغي على المصلي أن يبتعد عن مكان مرور الناس في الحرم. وعليه أن يتخذ سترة يصلي إليها ويقرب منها كالجدار والعامود ورف المصاحف ونحو ذلك ولا يضره من مرّ وراء السُّترة، وألا يقل طولها عن ذراع. فعن أبي سعيد قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان» أخرجه البخاري ومسلم. ولا فرق في أحكام السُّترة بين الحرم المكي وغيره على القول الراجح من أقوال العلماء، فإذا كان المرور بين يدي المصلي في غير الحرم محرماً ففي الحرم من باب أولى، بل قد ثبت اتخاذ السترة في الحرم من فعل الصحابة؛ فعن يحي بن كثير قال: “رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئاً أو هيأ شيئاً يصلي إليه”. رواه ابن سعد. وعن صالح بن كيسان قال: ” رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة ولا يَدَعُ أحداً يمرُّ بين يديه”. رواه أبو زرعة في تاريخ دمشق وابن عساكر في تاريخ دمشق.
23. إذا قدم شخص للعمرة أو الحجّ، فحجَّ عن نفسه، أو اعتمر عن نفسه، أو حجَّ عن غيره، أو اعتمر عن غيره، وأحبَّ أن يأخذ عمرةً أخرى لنفسه أو لغيره، فلا حرج في ذلك. لكن يأخذها من الحلّ، أي يخرج من مكّة إلى الحلّ، التّنعيم أو الجعرانة أو غيرهما، فيحرم من هناك، ثم يدخل فيطوف ويسعى ويقصِّر، سواء عن نفسه أو عن ميِّتٍ من أقاربه وأحبابه، أو عن عاجزٍ شيخٍ كبيرٍ، أو عجوزٍ كبيرةٍ عاجزين عن العمرة فلا بأس. (فتوى الامام ابن الباز عن حكم تكرار العمرة في نفس الموسم)
24. من بدع بعض المعتمرين ذهابهم إلى غار حراء والتبرك به والدعاء أو الصلاة عنده. ومن البدع أيضاً التبرك بالمكتبة الموجودة أمام ساحة المسعى أو الصلاة أو الدعاء عندها، بل بعضهم يستقبلها ويستدْبِرُ الكعبة، كلّ هذا ظنّاً منهم أن النبي ﷺ ولد فيها، ولو فرضنا جدلاً صحة مولد الرسول ﷺ فيها، فإن هذا لا يعني تخصيص هذا المكان بأي نوع من العبادة، فقد اعتمر النبي ﷺ واعتمر أصحابه، ولم يذهبوا إلى غار حراء، ولا إلى مكان مولد النبي ﷺ، ولو كان في الذهاب إليهما فضل لسبقونا إليه.
25. المسافر القادم للعمرة يُسنُّ له في الطريق القصر والجمع، أما أثناء بقائهم في مكة فيسَنُّ له أن يقصر فقط، أما الجمع فجائز له وتركه أفضل. والمشروع في حقه أن يصلي الصلوات الخمس جماعة في المسجد، وإذا صلى في المسجد، فيجب عليه أن يتم الرباعية متابعة للإمام حتى لو لم يدرك منها إلا ركعة واحدة، والدليل عليه حديث ابن عباس أن موسى بن سلمة رحمه الله قال: «كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين. قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم» أخرجه أحمد بسند جيد. وأصرح منه أثر ابن عمر رضي الله عنهما أنّ أبا مجلز قال: قلت لابن عمر: “أدركت ركعة من صلاة المقيمين وأنا مسافر؟ فقال: “صل بصلاتهم” أخرجه عبدالرزاق بسند صحيح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اقرأ أيضا: تَـعَرَّفْ على آلية تبريد الحرم المكي
Tags: الدين النصيحة العمرة