الجميع مشغول هذه الأيام ولا يجد الوقت لتناول الطعام مع الأسرة. وانشغال الآباء بأعمالهم خارج المنزل لكسب العيش تجعل من الصعب مشاركة باقي أفراد الأسرة وجبات الطعام، خاصة إذا كانت جداول مواعيدهم مختلفة. ونتيجةً لذلك تعتاد العديد من العائلات على الوجبات السريعة التي يمكن تناولها على عجل، وتتحول وجبات الطعام في حضن الأسرة إلى النسيان.

في الواقع، تظهر العديد من الدراسات أن تناول الطعام المشترك مع العائلة له عدة فوائد. فهي تسمح بنمو الطفل بشكل أفضل على المستويات العاطفية والجسدية والحركية والاجتماعية والأخلاقية والمعرفية واللغوية. ومن هنا يجب على كل أسرة أن تهتم بهذا الأمر، بل وتجعل من مواعيد تناول الطعام وضرورة التفاف جميع أفراد الأسرة حول مائدة طعام واحدة من الأمور الأساسية بل والمقدسة.

وقبل عرض هذه الفوائد لابد من الحرص على أن يكون التلفاز مغلقاً أثناء تناول الطعام، لكي تستمتع الأسرة بوجبة صحية وتجمّع مرح بعيد عن الجو المشحون بالتوتر والقلق، وحتى لا تتعرض لسماع ما قد يكدر صفوها أو يعرضها للتوتر.

1. تعزيز النمو

بالإضافة إلى التغذية الصحية لنمو الجسم، يعدُّ تناول الطعام معاً كعائلة حافزاً كبيراً لتطوير المهارات اللغوية والاجتماعية والمحادثة. وتعتبر المحادثة العائلية التي تصاحب الوجبة عاملاً مهماً جداً لنمو الأطفال والمراهقين. تشمل هذه المهارات أيضاً أخلاقاً أفضل.

 اقرأ أيضا: أسباب تجعلك تشعر بالتعب نهاراً رغم نوم جيد!

2. صحة نفسية 

يشعر الأطفال والمراهقون الذين يأكلون مع والديهم وإخوتهم بمزيد من الأمان والحماية بفضل وحدة الأسرة، وتشجيع ودعم بعضهم البعض. فبالإضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع المشكلات اليومية، ومناقشة مخاوف بعضهم البعض، فإنهم لا يشعرون بالوحدة وهذا يساعدهم في تسهيل الثقة بالآخرين وتكوين روابط مفيدة مع الآخرين. كل هذا يثري الصحة العقلية، على العكس تماماً مما يحدثه الانعزال والانفراد من ضرر في النفس.

3. عائلة أقرب 

تناول الطعام المشترك يقوي الروابط بين أفراد الأسرة، ويساعد الأصغر سناً في المنزل على تطوير طريقتهم في التعبير عن أنفسهم، وفي الجدال والتواصل من خلال المناقشة مع والديهم وإخوانهم وأخواتهم، ويعيد الحيوية لأفراد الأسرة المتعددة، التي أصبحت بعيدة عن بعضها لظروف الحياة، نظراً لأن كل شخص يعيش حياة منفصلة عن الآخرين، فيما أن وقت الطعام يجمع كل الغائبين معاً ويصبح تجربة مشتركة، تسمح للوالدين أن يكونوا أكثر انتباهاً لأطفالهم، خاصة إذا كانوا يقضون ساعات طويلة في العمل بعيداً عن المنزل.

4. أداء أكاديمي أفضل

على المدى الطويل، يقلل الدعم العاطفي الذي يشعر به الأبناء أثناء الوجبات العائلية من خطر التسرب من المدرسة. كما أظهرت الأبحاث أن  الأطفال الذين يأكلون معاً كعائلة من خمس إلى سبع مرات في الأسبوع كان أداؤهم أفضل في المدرسة. وعلاوة على أن الأكل الجيد له تأثير إيجابي على النجاح الأكاديمي، فإن الآباء يسهل عليهم مراقبة قيام البناء بواجبهم المنزلي. وفي نفس السياق، يمكن للأطفال التحدث بسهولة أكبر عن تعليمهم المدرسي ويكون الآباء أكثر انتباهاً لاحتياجاتهم وطلباتهم مما يعزز النجاح الأكاديمي.

اقرأ أيضا: كيف تعيش ببساطة وتظل سعيداً

5. صحة بدنية أفضل

الأكل كعائلة له أيضاً آثار مهمة على الصحة البدنية. فالأطفال الذين يأكلون مع والديهم وإخوتهم يتغذون بشكل أفضل من أولئك الذين يأكلون بمفردهم أو مع الأصدقاء. وبشكل عام، فهم يأكلون الأطعمة المنزلية الصحية والمتوازنة، التي تساعدهم على النمو العقلي والجسدي السليم، بدلاً من الأطعمة المقلية أو المصنعة. بالإضافة إلى ذلك، تكون أوقات وجباتهم أكثر انتظاماً، مما يؤثر بشكل إيجابي على صحة الجهاز الهضمي للأبناء وبالتالي على صحتهم البدنية عموماً.

6. مزيد من المدخرات

إذا كنت تريد توفير أكبر قدر من راتبك، فعليك الابتعاد عن الأكل في الخارج، لأنه أغلى بكثير من الطهي في المنزل، كما يعلم الجميع. وهذا سبب إضافي لتناول الطعام مع العائلة.

7. مزيد من العادات الصحية

تعتبر الوجبات العائلية وقتاً مثالياً لاكتشاف الأطعمة الجديدة، ولتعزيز آداب المائدة الجيدة ونقل ثقافتنا الغذائية وقيمنا العائلية. عندما يأكل الأطفال تحت إشراف والديهم، فإنهم يتعلمون عادات مهمة وصحية، مثل أهمية تحضير وجبات الطعام في المنزل، وغسل الأيدي قبل الأكل، والمضغ الجيد، واستهلاك الماء بدلاً من المشروبات الغازية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها أيضاً لحظة اجتماعية مهمة للجميع، يتعلمون خلالها التصرف على الطاولة، مما يسهل تنشئتهم الاجتماعية واندماجهم الثقافي.

8. منع السمنة

إذا كان تناول الطعام كعائلة يضمن تغذية أفضل، ويشجع على الخضار والفواكه والبقوليات ومنتجات الحبوب الكاملة، فهو أيضاً عامل يساعد في منع السمنة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المشكلة قد شهدت زيادة ملحوظة في عدد القاصرين في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى نمط حياة غير مستقر، وإلى عدم وجود إشراف ورقابة أبوية على النظام الغذائي، الذي يعتمد في مجمله على وجبات سهلة وسريعة غنية بالملح والدهون والسكريات وقليلة الفيتامينات والمعادن.

اقرأ أيضا: هل تقوم بهذه الأخطاء عند تناول طعامك؟

9. تقليل مخاطر القلق والاكتئاب 

أشارت دراسة أجريت عام 2004  إلى أن المراهقين الذين تناولوا الطعام معاً كعائلة أظهروا علامات أقل للاكتئاب والقلق. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم كانوا أقل عرضة للإصابة بمشاكل عاطفية. والسبب هو أن هؤلاء الأطفال كانوا يتناولون وجبة العشاء مع آبائهم وإخوتهم ما لا يقل عن خمس مرات في الأسبوع.

ومما لا شك فيه أن تناول وجبة عائلية يحقق لدى الفرد نوعاً من الاسترخاء في المشاعر وشعوراً بالسعادة، بحكم تبادل الحديث الذي يتخلله المزاح والضحكات الخفيفة، والاستمتاع المشترك بالطعام وبرفقة الأشخاص المقربين والمحببين لديه، مما يساعد الجميع على تحسين حالتهم المزاجية والاستعداد للتعامل مع مشاكل اليوم بشجاعة ومرونة.

10. أقل التبعيات

مما لاشك فيه أن بفضل تناول الطعام كعائلة، تتعزز وحدة الأسرة ومشاعر الأخوة والأمان لدى الأطفال، مما يقلل من احتمال إخفائهم للأشياء عن والديهم، فهذا يملؤهم بالثقة ويحسن احترامهم لذاتهم. ويعد هذا أمراً أساسياً بالنسبة لهم من أجل تطوير صحة عاطفية متوازنة. وأثناء وجودهم في سن المراهقة، يساعدهم ذلك على الابتعاد عن السلوكيات التي تسبب الإدمان لأنهم يشعرون بالأمان والأهمية لدىوالديهم.

وفقًا للمعلومات التي قدمتها Stanford Children’s Health، فإن المراهقين الذين يتناولون العشاء مع أسرهم من خمس إلى سبع مرات في الأسبوع هم أقل أربع مرات في أن يصبحوا مدخنين، و 2.5 مرة أقل احتمالاً لاستخدام الماريجوانا، ونصف احتمالية لاستخدام الكحول.

اقرا ايضا: انتبهوا لأبنائكم.. شركات التبغ تغازلهم

وختاماً، يوصي العديد من علماء النفس بمنح كل فرد من أفراد الأسرة دورًا في تحضير وجبة العشاء. كأن يكون أحد أفراد الأسرة مسؤولاً عن إعداد الطعام؛ وآخر على تحضير طاولة الطعام؛ وآخر لغسل الأطباق… كل هذا يعزز الاستقلالية والمسؤولية والتضامن. والأمر لا يتطلب سوى القليل من التخطيط، لكن الفوائد تستحق العناء. إن تخصيص وقت في اليوم لتناول الطعام معًا بدون شاشات أو عوامل تشتيت للانتباه أمر يستحق كل هذا الجهد، والأمر متروك للوالدين لإعداد روتينك الخاص لتحقيق أقصى استفادة منه!

ــــــــــــــــــــــــ

إقرا أيضا: أسلوب بديع وذكي لمعاقبة الأبناء

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?