يمكن للعواطف أن تساعدنا في اتخاذ قرار أو حلّ مشكلة ما، إذا أولينا لها اهتمامًا كافياً واستمعنا واستوعبنا ما تقوله لنا. لأن العواطف من خلال مظاهرها تهدف إلى توفير المعلومات قبل كل شيء، لذلك يجب علينا فكّ شفرتها، واستخدامها بعناية في مواقف الحياة اليومية أو في العمل.

وفيما يلي بعض الخطوات التي يجب اتباعها لاستخدام مشاعرك بشكل أفضل، وتنمية قدراتك لتتمكن من التعامل مع أي صعوبات قد تواجهها في حياتك، وإعطائك التقنيات التي ثبت أنها مفيدة حقًا لتحقيق ذلك.

تحكم في مشاعرك:

تعلم التعرف على مشاعرك

مع التدفق المستمر للأعمال والالتزامات اليومية، غالبًا ما ننسى الأساسيات: رفاهيتنا.

الخطوة الأولى في إدارة عواطفك هي الانتباه لحالتك العاطفية. فعندما تشعر أن عواطفك هي المسيطرة عليك، يجب عليك بدلاً من الخضوع لها وتحملها، أن تسأل نفسك الأسئلة التالية: كيف أشعر الآن حيال هذا التحدي؟ ما مدى شدة الشعور الذي أشعر به؟

السيطرة على عواطفك

لا يمكنك تجنب الشعور بالعواطف، لأن المشاعر موجودة ولها وظيفة تطورية. ومع ذلك، فإن تنظيمها عند بعض الناس لا يتم بشكل صحيح، وقد يحدث لديهم:

   – إطلاق للعواطف في المواقف التي لا يوجد فيها تهديد حقيقي (يسبب القلق)

   – عدم القدرة على تعطيل العواطف بمرور الوقت (كما في حالة الاكتئاب)

علّم نفسك كيف تميّز هذا الشعور أثناء حدوثه والتصرف مسبقًا. عليك أن تكون يقظًا وتفكر بوعي وعقلانية، وتعتاد على اكتشاف هذه الإشارات التي تخبرك أنك ذاهب إلى المسار حيث لن تكون قادرًا على السيطرة على عواطفك. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستتمكن من خلالها إيقاف العملية (أو تأخيرها) قبل فوات الأوان.

حقيقة المشاعر السلبية

حسب أحدث نظرية هناك أربعة أنواع أساسية من المشاعر التي تطورت إلى مشاعر أكثر تعقيدًا. وهذه المشاعر هي التهيج والخوف والفرح والحزن.

هناك بعض المواقف التي تشعر فيها بالضغط الشديد بسبب المشاعر السلبية، والتي قد تتراكم فيها خيبات الأمل وحالات الإحباط والقلق، حتى ينتهي بك الأمر إلى الشعور بالغرق في السلبية. والمؤسف، أن في إحدى الدراسات، تم تحديد المشاعر الحزن هي التي تدوم أكثر (تدوم 4 مرات أطول من الفرح).

مع أخذ هذه البانوراما في الاعتبار، يبدو من الضروري حقًا أن تكون قادرًا على التعامل مع شدة عواطفك حتى لا تعاني كثيرًا. وفيما يلي ستجد قائمة من الأساليب التي لم تثبت فعاليتها وتلك التي ثبتت فعاليتها.

ما الذي لا يعمل للتحكم في عواطفك

أصبحت هذه التقنيات شائعة عن طريق الكلام الشفهي من المؤلفين الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء التحقق من أساسهم العلمي الفعلي. وفائدة كل واحدة من هن في معالجة مشاعرك مشكوك فيها على الأقل.

   1. لا تفكر فيما يدور في ذهنك..

كما يعلم الجميع، يكاد يكون من المستحيل عدم التفكير في شيء تحاول عدم التفكير فيه. كما أن وقف التفكير في شيء معين باستخدام القوة لن ينجح طبعاً، لأن الفكر موجود بالفعل في أدمغتنا. فقد أثبتت الدراسات أنه من الصعب للغاية تجاهل مشاعرنا. وفي حالة الأشخاص المصابين بالاكتئاب الذين يتعرضون باستمرار للهجوم من قبل الأفكار السلبية، يُمنع تمامًا محاولة قمع هذه الأفكار لأنهم ينتهي بهم الأمر بالعودة بقوة أكبر.

   2. استرخِ وتنفس بعمق..

يعاني الشخص الخائف أو المصاب بالقلق من تغيرات مباشرة على القدرة على التنفس جيداً. ومن الشائع أن يُطلب منا الاسترخاء والتنفس بعمق عندما نشعر بالضيق أو القلق الشديد، وهذا نابع من ثقافة قديمة. لكن عادة لا يجدي التنفس بعمق ومحاولة استخدام الحجاب الحاجز في البطن (يُعد أكثر عضلات التنفس كفاءة في الجسم) لأن المكون الفسيولوجي للعواطف يميل إلى أن يكون صغيرًا.

هل سبق لك أن طلبت من شخص ما الاسترخاء عندما يكون منزعجًا؟ إذن ستكون فعلاً قد أدركت أنه لا يستجيب لك بشكل جيد. الأمر يبدو كما لو أنه بدلاً من الاستماع إلى شخص عانى من الظلم، فإنك تنصحه بأن يصمت ويأخذ مهدئًا للأعصاب. لا نعني أن استخدام تقنيات الاسترخاء أمر سيء، لكن محاولة الاسترخاء بمجرد غزو العواطف ستعالج الأعراض وليس السبب.

3. حرر التوتر بوسائل أخرى

في وقت من الاوقات كانت الأنشطة التي تعمل على تنفيس العواطف هي الموضة، مثل أوراش العمل حيث يجتمع الأشخاص للبكاء، أو تمكينهم مثلاً من تكسير الأطباق… لكن الدراسات النفسية الحديثة تشير إلى أن هذا النوع من التنفيس غير ناجع، بل يمكن أن يكون سلبياً، لأن الاستسلام لإغراء تكسير وتمزيق كل شيء يمكن أن يزيد من عدوانك على المدى القصير. ونفس الشيء يحدث مع التمارين البدنية التي حتى لو كانت مفيدة لقلبك، إلا إن النشاط البدني لا يمكن أن يهدئ من عواطفك. فالمشاعر والعواطف لا يتم احتواءها داخل أجسادنا وإخراجها بسهولة كما لو كنا حلّة ضغط، لكن ما تحتاجه هو أن نفهمها لمنعها من إلحاق الأذى بنا.

اقرأ أيضا:

كيف نتعامل مع الضغط العصبي؟

نصـائح لتصفية الذّهن قبل النّوم

4. إجبار نفسك على التفكير بإيجابية

هناك القليل من الجدل حول تأثير وجود أفكار متفائلة لتنظيم المشاعر،  والتي تساعد على تقليل حدة المشاعر السلبية.

تتم معالجة المشاعر بالكامل تقريبًا على مستوى اللاوعي، ثم تنتقل إلى الفضاء الواعي حيث ندركها. ولهذا السبب، عندما تدرك عواطفك، فغالبًا ما يكون قد فات الأوان.

ومع ذلك، فإن البحث عن الجزء الإيجابي من كل موقف يمكن أن يمنعك من الاستمرار في تحطيم الذات. إذن، بدلاً من التفكير في “لن أكون قادرًا على القيام بذلك”، عليك أن تبدأ في الاعتقاد بأن “الأمر معقد، لكن يمكنني التحكم فيه”، وهكذا ستمنع مشاعرك السلبية من التفاقم.

ما الذي يعمل

يتطلب منك الذكاء العاطفي الحقيقي التعرف على مزاجك والاستماع إليه، لأنه ينطوي على معرفة متى ولماذا أنت منزعج أو عصبي أو حزين، والتصرف بناءً على الأسباب، وليس الأعراض فقط.

ومع ذلك، في تلك المناسبات التي ترى فيها أنك تتجه بشكل غير قابل للإصلاح إلى حالة عاطفية سلبية، فقد تكون الأساليب التالية فعالة في إيقاف أو إبطاء هذا التفاعل المتسلسل.

1. حاول أن تتذكر فضائلك ونجاحاتك

إن إعادة تأكيد مزاياك ونقاط قوتك هي إحدى أفضل الاستراتيجيات للتعامل مع مشاعرك، وتقليل المشاعر السلبية.

مثال: بدلاً من الانزعاج لأنك وصلت إلى العمل متأخرًا، يمكنك التفكير في أنه نظرًا لأنك تصل دائمًا في الوقت المحدد، فإن الأمر ليس بهذا السوء.

يستخدم الأشخاص الذين يتمتعون بقدر أكبر من التحكم العاطفي تأكيد الذات، عندما تكون شدة عواطفهم منخفضة، ولديهم الوقت للبحث عن منظور آخر للموقف. والمثير للدهشة أن هذه الاستراتيجية أثبتت فعاليتها بشكل خاص مع النساء.

في المرة القادمة التي تشعر فيها أنك تفقد السيطرة على مشاعرك، ذكر نفسك بتلك الأشياء التي تفتخر بها في حياتك.

2. اصرف انتباهك إلى شيء ملموس

الأشخاص الذين يديرون عواطفهم بشكل أفضل، تعلموا أيضًا استخدام الإلهاء لحجب الحالات العاطفية قبل فوات الأوان. والآن يبدو الأمر فعالًا للغاية عندما يتوقعون أنهم سيشعرون بمشاعر شديدة وليس لديهم الوقت الكافي لاستخدام استراتيجيات أخرى.

كما هو معلوم للجميع، فإن الطريقة الفعالة للغاية لتهدئة طفل صغير يبكي هي تحويل انتباهه، مثل: “هل رأيت الدمية؟” أو: “ماذا بيدي؟” وهذا يقلل من مستوى حماسهم إذا حافظنا على شد انتباههم لوقت كافٍ.

تتمثل تقنية الإلهاء في فصل نفسك عن المشاعر السلبية عن طريق توجيه انتباهك إلى الأفكار المحايدة. من هذا النموذج، سوف تمنع العاطفة أن تأخذ الكثير من القوة والشدة.

على سبيل المثال، إذا شكك رئيسك في مهنيتك واحترافك، فبدلاً من التفكير في أنه سيطردك، قد تفكر في حفلة عيد الميلاد الذي ستقيمه نهاية الاسبوع. الامر بسيط ولكنه فعال، كما هو موضح في بعض الدراسات العلمية.

على الرغم من أنها ليست أفضل استراتيجية على المدى الطويل، إلا أن الإلهاء مجدي، خاصة إذا ركزت انتباهك على شيء ملموس بدلاً من ترك عقلك يشرد.

3. فكر في المستقبل القريب

المشاعر الشديدة قد تجعلك تنسى أن هناك مستقبلًا وأن أفعالك ستؤثر عليه. على الرغم من أنك في هذه اللحظة لا تفكر إلا في عيش اللحظة الحالية وإحباطك، وهو تهيج حيث تكتسب أعصابك أهمية كبيرة، ولكن هل ستستمر في الشعور بهذا لمدة أسبوع كامل؟

التفكير في المستقبل القريب هو أمر فعال للغاية في الحفاظ على ضبط النفس، كما هو موضح في تجربة الكتاب الشهير ”الذكاء العاطفي”. في هذا الكتاب، كان أداء الأطفال الذين قاوموا إغراء تناول الطعام أفضل في واجباتهم المدرسية في السنوات اللاحقة.

4. التأمل يومياً

لقد ثبت علميًا أن التأمل فعال في منع الأفكار السلبية المتكررة، ليس فقط أثناء التأمل، ولكن أيضًا على المدى الطويل. فالتأمل يمكن أن يقلل على المدى الطويل من مستوى تنشيط اللوزة الدماغية، التي يشار إليها أيضاً بالجسم اللوزي، وهي منطقة دماغية معروفة بمعالجة التجارب العاطفية الذاتية.

أكدت دراسة حديثة أن التنبيه الذهني (اليقظة الذهنية الكاملة) وممارسة تمارين التأمل مدةَ 10 دقائق يوميًّا تحد من مشاعر القلق والتوتر، وتساعد على منع الأفكار الداخلية لدى الأشخاص الذين يعانون القلق، وتسمح لهم بمزيد من التركيز. وفي واحدة من هذه الدراسات كانت أربع جلسات تأمّل مدتها 20 دقيقة كافية لتقليل القلق بنسبة 39٪، فالتأمل بانتظام والتنفس بشكل صحيح يمكن أن يقلل من حدة المشاعر السلبية عند ظهورها.

5. امنح نفسك الإذن للقلق لاحقاً

لقد أسلفنا شرح أن محاولة قمع عاطفة أو فكرة تجعلها تعود بقوة أكبر مرة أخرى. ومع ذلك، فإن تأجيلها إلى وقت لاحق يمكن أن ينجح!

في إحدى الدراسات، طُلب من المشاركين الذين كانت لديهم أفكار مقلقة تأجيل قلقهم لمدة 30 دقيقة. على الرغم من أن هذا شكل بديل لتجنب التفكير في شيء ما، إلا أن ما تم توضيحه هو أنه بعد فترة من التوقف المؤقت، تعود المشاعر بقوة أقل بكثير. لذا امنح نفسك الإذن للقلق بعد وقت الانتظار هذا، وسوف تحس بقلق أقل.

6. فكر في أسوأ ما يمكن أن يحدث لك

في كثير من الحالات ينتج من الإفراط في التفكير عاطفة واحدة وهي الخوف. ومع ذلك، يعتبر من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها للتحكم في المشاعر السلبية هي توقع أسوأ ما يمكن أن يحدث في المستقبل، ثم الحفاظ على الهدوء.

كيف تحافظ على الهدوء؟ لقد حافظ الساموراي والرواقيون على هدوئهم حتى في المواقف الأكثر دراماتيكية بالتفكير في الموت وأكثر من ذلك.

لا نريدك أن تصبح دراميًا أو تصبح قوطيًا، لكن التفكير في أسوأ ما يمكن أن يحدث لك سيساعدك على وضع مشاكلك في منظورها الصحيح والحفاظ على السيطرة.

7. اكتب مشاعرك

الكتابة التعبيرية تدور حول الكتابة عن أعمق أفكارك ومشاعرك. وقد ثبت أنها فعالة على المستويين النفسي والجسدي (يمكنها تسريع التئام الجروح!)

سيساعدك الاحتفاظ بنوع من اليوميات العاطفية عن شعورك في مواقف معينة على تقليل تكرار الأفكار السلبية.

8. خذ نفساً عميقاً وانتعش لاستعادة ضبط النفس

ضبط النفس الخاص بك ليس لانهائياً. تشير بعض الأبحاث إلى أنه من خلال تعريض نفسك لمواقف يتعين عليك فيها التحكم في نفسك، يتم استهلاك هذه القدرة.

فكر مثلاً في القيام بالعدو السريع. ستجد نفسك بعد السباق مرهقًا وتحتاج إلى وقت للتعافي قبل أن تبدأ في الجري مرة أخرى. بالطريقة نفسها، إذا تمكنت من التحكم في عواطفك، فتجنب البدء في تعريض نفسك مرة أخرى لموقف متوتر أو ستكون أكثر عرضة للاستسلام.

الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه قد ثبت أن الحفاظ على التحكم يستهلك الجلوكوز، كما لو كنت تمارس الرياضة حرفيًا. لذلك، تناول مشروبًا يحتوي على نسبة عالية من السكريات (هذه ليست مزحة)، استخدم التأكيد الإيجابي لتتمكن من معالجة مشاعرك مرة أخرى، والمفتاح هو تحديد متى تكون مستويات ضبط النفس لديك منخفضة وتجنب المزيد من المواقف العاطفية أثناء التعافي.

9. عندما لا يعمل شيء، ابحث عن مرآة

على الرغم من أنه قد يبدو مفاجئًا للغاية، إلا أن هذه الإستراتيجية يمكن أن تكون مفيدة في إيقافك عندما تكون منغمسًا في مشاعرك.

أظهرت بعض الدراسات أنه عندما ترى نفسك في المرآة، يمكنك ملاحظة نفسك من منظور أكثر موضوعية، وبالتالي تفصل نفسك لبضع لحظات عن مشاعرك.

كلما زاد وعيك الذاتي بما تفعله، زادت قدرتك على التحكم في عواطفك. والنظر إلى نفسك في المرآة سيزيد من مستويات وعيك الذاتي، ويساعدك على التصرف بطريقة اجتماعية أكثر.

10. الأهم: اعثر على سبب مشاعرك

على المدى الطويل، ستكتشف أن المفتاح ليس محاربة مشاعرك، ولكن التعرف عليها ومعرفة سبب حدوثها لك.

الشيء المهم هو أن تكون صادقًا مع نفسك بشأن سبب هذه المشاعر. الأغلبية منا تحب محاولة خداع نفسها. غالبًا ما نكذب على أنفسنا معتقدين أننا منزعجون من شخص ما بسبب سلوكهم وليس لأنهم يملكون أشياء أردناها لأنفسنا وأثرت على تقديرنا لذاتنا. ومعرفة الحقيقة الحقيقية لمشاعرك، ستساعدك على التعامل مع السبب.

عزيزي القارئ، بعد هذه الاستفاضة، إذا كنت تريد حقًا معرفة كيفية التحكم في عواطفك، فعليك أن تعرف أنه لا يوجد حل واحد. وأن إيجاد الإستراتيجية الأنسب للتعامل مع المشاعر السلبية، مثل فهم أصلها للتعامل مع السبب، هو الطريقة الوحيدة لمنعها من السيطرة على أذهاننا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: المواقع الالكترونية

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?