عناية الإسلام بالمرأة لاتخطئها عين منصف، وتوصية الرسول عليه الصلاة والسلام بالنساء في أكثر من موضع تؤكد وتبرز ذلك، وآيات القرآن التي نزلت في هذا السياق خير برهان على نظرة الإسلام للمرأة، باعتبارها هي والرجل صنوان يكادان أن لايتفرقا، وقت كانت قد اعتادت النساء في عصور ماقبل الإسلام على التعرض للمهانة، والتقليل من قدرهن، وما رافق ذلك من عدم احترام لطبيعة المرأة النفسية والجسدية.

ولعل ماورد في حديث رسول الله ﷺ من أن “… النساء شقائق الرجال” يعد ميثاقاً إسلامياً واضحاً عن المرأة وحقوقها في هذا الدين العظيم، وشقائق الرجال تعني أنهن مساويات للرجال فيما فرض الله عز وجل على الرجال والنساء فيما لا تختص به المرأة أو لا يختص به الرجل كما قال العلماء. وهذا هو مناط حديثنا في هذا المقال.

ففي هذا الحديث رسالة صريحة للرجال، بأن المرأة ذات قدر لا يقل عن قدر الرجل؛ بل ربما تفوقه في القدر في بعض حالاتها، وإنه لمن إعلاء شأن المرأة وتبجيلها، الأخذ بعين الاعتبار طبيعتها النفسية والجسدية في كثير من التشريعات، فكان على الرجل- في بعض الأحيان- تحمل تكاليف تزيد عن تكاليف المرأة، في المقابل، على المرأة في أحيان أخرى تكاليف تختلف عن الرجل، ومن هنا يتبين أن الإسلام قد أتى ليعالج كثيراً من الظواهر السلبية التي كانت تهمش من المرأة ودورها، والتي كانت سائدةً عند بعثة الرسول ﷺ، ومازالت تطل برأسها بين فينة وأخرى، بسبب سوء الفهم أو التفسير الخاطئ لبعض الأحاديث والآيات، أو بسبب تغول النرعة الذكورية لدى البعض على حساب المرأة. وهنا نؤكد أن هذا الحديث وغيره من النصوص قد جاءت لتصحح ذلك الوضع الخاطئ وليمنح المرأة حقها ليصبح لها دوراً حيوياً في الأسرة والمجتمع.

اقرأ ايضا: برامج وتطبيقات لحساب المواريث لاغنى عنها لكل مسلم

والمرأة في نظر الإسلام على أنواع ثلاث وهي:

النوع الأول

المرأة الصالحة المطيعة: وهي تلك المرأة التي تعرف دينها وتشريعاته وتلتزم حدوده، وتقف عند أوامره ونواهيه، وتجتهد في طاعة ربها، وتسعى في دنياها وفق منهجه وشرعه. وهذه المرأة علمت جيداً أن الإسلام إنما جاء ليحرم امتهانها أو تهميشها، وليحفظ لها كرامتها، ويحافظ على خصوصيتها، ويضمن لها دورها الفعال الذي يناسب طبيعتها في المجتمع، ويجعل لها رأياً في كل شؤون حياتها التي تخصها كالزواج وغيره، فأصبحت محطّ رعاية الأب والزوج والأخ والإبن، وضمن لها حقها في الميراث في آيات مفصلات من كتاب الله.

النوع الثاني

المرأة المظلومة المهضومة: وهي تلك المرأة التي سلبت حقوقها باسم الدين، ومنعت من حريتها بدعوى المحافظة عليها وصيانتها من المتربصين، سواء تمّ ذلك برضاها، أو رضخت له مكرهة تحت ضغط العادات المجتمعية وسلطان العرف وتغول بعض العلماء والمشايخ بفتاويهم ضدها. وهذه قد نرلت الأيات ووردت الأحاديث التي تنهي عن فعل ذلك وتزجر فاعله، بل وتتوعده بسوء المصير.

النوع الثالث

المرأة المخدوعة المتمردة: وهي تلك المرأة التي ترفض الإلتزام بالدين والشرع من الأساس بدعوى تضييقه على حريتها، بسبب ماتراه وتشاهده يحدث للنوع الثاني الذي ذكرناه أعلاه، أو جرياً وراء دعاوى التحرر الفارغة التي تتبناها بعض ممن جهلن دينهن وماضمنه لها من حقوق وحريات من المسلمات، اللاتي شكّلنا الجمعيات النسوية لهذا الهدف، أو تلك اللاهثات وراء الدعاوى الغربية المغرضة التي تتربص بالمرأة المسلمة تحت عناوين براقة، بهدف تفكيك المجتمعات الإسلامية، ومحاربة ماتتحلى به من فضيلة.

فجاءت الأحاديث والآيات التي تفند هذه الدعاوى، وتؤكد على المعنى الذي أراده الرسول في حديثه الذي نحن بصدده، والذي يختصر الكثير من المعاني، ويحل كثير من سوء الفهم لدى البعض عن دور المرأة، ويؤكد على أن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة أصل أصيل فى الشريعة. وأبرز تلك الآيات بشكل واضح قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} سورة النحل الآية (97). وقد اهتم الإسلام أيّما اهتمام بالمرأة في كثير من الآيات. فقد جاءت الآيات التي تنظم لها حياتها في الزواج والطلاق والعدة والميراث وعلاقتها بزوجها وغيرها، وجاءت الأحاديث لتوصي بها وتنصحها وتوجهها. ولعل ابرزها هو ماورد في خطبة الوداع من تكرار الرسول للوصيّة بهنّ.

اقرأ أيضا: الأمانة .. خلق جامع لكل خلق

{أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء (1).

حتى مفهوم القوامة الذي أساء بعض النساء والرجال فهمه، فهي في حقيقتها قوامة تكليف للرجل، وتشريف للمرأة. فقوامة الرجل تعني قيامه بشؤون المرأة، من توفير النفقة والحياة الطيبة، وسبل حمايتها وحماية أهل بيته لها بما يندرج تحتها من تفاصيل، والقوامة إنما جعلت على الرجل مراعاة للفروق بين الرجل والمرأة، فلم تكلف المرأة بإرهاق نفسها بالنفقة على أبنائها وأهل بيتها، بل إن مالها حق لها تنفقه كيف شاءت، ولا يحق لأحد بإجبارها على إنفاقه أو أخذه بغير حق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضا: فنّ التغافل.. سرّ السعادة

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?