هذا عرض مختصر لأحكام الشتاء، نستعرض فيه أهم الأمور التي تطرأ في فصل الشتاء، ويحتاج المسلم لمعرفة أحكامها من المسح على الجوارب، والجمع بين الصلوات، وغيرها من الأمور المهمة.. 

إسباغ الوضوء على المكاره

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط) رواه مسلم.
قال القاضي عياض: وإسباغ الوضوء تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحوه.

قال ابن رجب: فإن شدة البرد لدينا يذكر بزمهرير جهنم، فملاحظة هذا الألم الموعود يهون الإحساس بألم برد الماء.
مسألة: قال الشيخ ابن عثيمين عن بعض المصلين: لا يفسرون –أي يرفعون– أكمامهم عند غسل اليدين فسرًا كاملاً، وهذا يؤدي إلى أن يتركون شيئًا من الذراع بلا غسل وهو محرم، والوضوء معه غير صحيح، فالواجب أن يفسره كمه إلى ما وراء المرفق مع اليد لأنه من فروض الوضوء.
مسألة: لا بأس بتسخين الماء للوضوء، قال ابن المنذر: الماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها. الأوسط 1/250.
وقال الأبي في إكمال المعلم 2/54: تسخين الماء لدفع برده ليقوي على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور.
فلا إفراط ولا تفريط والشرع لم يتعبدنا بالمشاق.

التبكير بصلاة الظهر عند شدة البرد

عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ إذا اشتد البرد يكبر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
قال المناوي عن التبكير: أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه.

قال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر من غير الحر والغيم خلافا.
قال الترمذي: وهو الذي اختاره أهل العلم من اصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم: لأن المقصود من الصلاة الخشوع والحضور وشدة البرد والحر مما يشغل المصلي.
تغطية الفم في الصلاة ومنه المتلثم: فقد صح عن النبي ﷺ أنه نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه. رواه أبو داود وغيره، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: يُكره التلثم في الصلاة إلا من علّة.

لبس القفازين

يجوز لبس القفازين وهو أحد أقوال الشافعي وبه قال النووي، وأما استدل بالمنع لحديث مسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم) فيستدل به على كشف اليدين، والرد عليه أن الركبة كذلك مغطاة بلا ريب فلا حجة في ذلك، قال ابن جبرين: يجوز للرجال والنساء لبس القفازين في الصلاة فإنه يحتاج إيه لبرد ونحوه.

الصلاة على الراحلة أو السيارة خشية الضرر
قال شيخ الاسلام: وتصح صلاة الفرض على الراحلة خشية الانقطاع عن الرفقة أو حصول ضرر بالمشي.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن تضرر بالسجود وخاف من تلوث يديه وثيابه وبالطين والبلل، فله الصلاة على دابته، ويومئ بالسجود
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم وبه يقول أحمد واسحاق

المسح على الجوارب والخفين والعمائم

الخف ما يلبس على الرجل مما يصنع من الجلد
والجورب: ما يلبس عليها مما يضع من القطن ونحوه وهذا المعروف بـ (الشراب أو الدلاغ)
ثبت في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح على الخفين

شروط المسح

1- ادخالهما بعد تمام طهارة الوضوء
2- أن يكون طاهرين من النجاسة
3- أن يكون المسح عليهما في الحدث الأصغر لا الأكبر كالجنابة أو ما يوجب الغسل
4- أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعًا وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر

توقيت المسح

1- يبدأ المسح من أول مسحه بعد الحدث وتنتهي بعد أربع وعشرين ساعة للمقيم واثنين وسبعين للمسافر لحديث علي: (وقت لنا رسول الله في المسح للمقيم يومًا وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها) رواه مسلم
2- اذا انتهت المدة وهو على طهارة مسحه لم ينتقض وضوءه.

صفة المسح

أن يمسح الخف أو الجورب من أعلاه من أطراف الأصابع إلى ساقه لقول علي (رأيت النبي ﷺ يمسح ظاهر خفيه) رواه أبو داود
المسح على العمائم المحنكة في الحدث الأصغر
ثبت عن النبي ﷺ أنه مسح على العمائم. رواه الترمذي
والعمائم هي عمائم المسلمين المحنكة –أي المدارة تحت الحنك– أو ذات ذؤابه –أي التي لها طرف مرخي– أما العمائم فلا يصح المسح عليها، ويدخل في العمائم ما يلبس في أسام الشتاء من القبع الشاملة للرأس والأذنين، وفي أسفله لفه على الرقبة فإنه مثل العمامة لمشقة نزعه ومثله خمار المرأة المدار تحت حلقه، وأما الغترة أو الشماغ أو الطاقية أو الطربوش فلا يسمح عليه لأنه لا يشق نزعه.

الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

يعذر بترك الجمعة والجماعة في الشتاء من حصل له من الأذى بمطر يبل الثياب ومعه المشقة أو وصل الطين أو ثلج أو بريح باردة شديدة لقول ابن عمر رضي الله عنه: (كان النبي ﷺ ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطر: صلوا في رحالكم) رواه ابن ماجة.

الجمع بين الصلاتين

يباح الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، المغرب والعشاء في وقت أحدهما تقديمًا أو تأخيرًا للأعذار السابقة المسقطة للجمعة والجماعة ولو صلى الرجل في بيته إذا كان من أهل الجماعة، وأما المرأة والرجل المريض لا يصح جمعهم في بيوتهم.
والجمع رخصة عارضة للحاجة إليه لدفع المشقة عن المسلمين، ولذلك لم يفعله النبي ﷺ إلى مرات قليلة، والحاجة والمشقة تختلف في تقديرها باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، لذلك قال ابن عباس: (جمع النبي ﷺ في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر .. أراد ألا يحرج أمته) رواه مسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

إقرأ أيضا  وصايا الشتاء … غنيمة العابدين وربيع المؤمنين

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?