يُقْصَدُ بالعُمْلَةِ شَكْلُ المَالِ الَّذِي يَتِمُّ التَّعَامُلُ التِّجَارِيُّ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَدَاوُلُهَا مَعَ عُمْلَاتٍ أُخْرَى فِي سُوقِ الصَّرْفِ الأَجْنَبِيِّ أَوْ سُوقِ الفُوركس، حَتَّى تَكُونَ لِلْعُمْلَةِ قِيمَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْلَاتِ الأُخْرَى، لِذَلِكَ تَتِمُّ عَمَلِيَةُ تَنَافُسٍ شَرِسَةٍ بَيْنَ الدُّوَلِ وَبَعْضِهَا عَلَى المَوَارِدِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ اسْتِخْدَامِ كُلِّ دَوْلِةٍ لِقُوَّةِ اقْتِصَادَاتِهَا المَحَلِّيَّةِ. إِنَّ هَذِهِ القُوَّةَ المَحَلِّيَّةَ تُعْتَبَرُ قِيمَةَ كُلِّ عُمْلَةٍ مَحَلِّيَّةٍ فِي سُوقِ التِّجَارَةِ العَالَمِيَّةِ. وَبِالتَّالِي فَإِنَّ قُوَّةَ العُمْلَةِ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تَلْعَبُ دَوْراً أَسَاسِيّاً فِي هَيْمَنَةِ كَلِّ دَوْلَةٍ عَلَى الإقْتِصَادِ العَالَمِيِّ، وَأَيْضاً السِّيَّاسَة العَالَمِيَّة.

قوة العملة

عندما تكون العملة أكثر قيمة من العملات الأخرى، يُقال إنها قوية، لأن معظم العملات تطفو، وتتغير قيمتها وفقا لاتجاهات السوق. عندما يتم تداول وحدة واحدة من العملات للحصول على المزيد من وحدات عملة أخرى، فإنها تُعرف باسم عملة قوية. وعندما تكون العملة قوية، يمكن للمسافرين السفر إلى الخارج وإنفاق أموالاً أقل. وتحدد قيمة أي عملة في العالم بالعديد من العوامل على رأسها العوامل الاقتصادية، فضلاً عن العوامل السياسية والعسكرية.

فمن الناحية الاقتصادية فإن قيمة العملة تتحدد بما لدى هذا البلد من ثروات واحتياطات طبيعية من غاز ونفط، ومعادن… ويؤثر على الاقتصاد عوامل أخرى مثل البطالة والاستيراد، كما تؤثر القدرة الإنتاجية والتصديرية على الاقتصاد الذي يؤثر بالتالي على قوة العملة.

اقرأ أيضا: سبع طرق لإظهار قدرتك على قيادة المشاريع في الظروف الصعبة

وبعيدا عن العوامل الاقتصادية والممارسات المالية الخطرة، تبرز الاضطرابات السياسية كعامل مؤثر في تراجع الثقة إزاء استقرار تحركات العملة والنمو الاقتصادي؛ والخلافات السياسية وتقلبات أسواق المال تدفع إلى انخفاض أو انهيار قيمة العملات. علاوة على أن توقعات المستثمرين بناء على مستوى الاضطرابات السياسية، وكذا توقعاتهم بشأن تدفق رؤوس الأموال نحو بلد ما أو خروج هذه الأموال في المستقبل، هي التي تحدد قيمة العملات في السوق المحلي والأجنبي.

كما يتزامن صعود العملة لصدارة المشهد العالمي مع زيادة قوة الدولة اقتصادياً وسياسياً، فإن قيمة العملة تتأثر بالقوة العسكرية أيضاً، وخير مثال هنا هو بريطانيا في عام 1860، إذ كانت تستوعب أكثر من 30% من الصادرات العالمية، ناهيك عن استخدام الإسترليني لتسوية أكثر من نصف التجارة العالمية. فأصبحت حينها أكبر قوة اقتصادية وتجارية وعسكرية في العالم، خاصة مع تكوين مستعمرات في عدد كبير من مناطق العالم، واجبار هذه المستعمرات على استخدام الإسترليني في التبادل التجاري مع بريطانيا، ما جعل الإسترليني العملة الأكثر طلباً آنذاك، وبذلك اكتسبت العملة دوراً حيوياً ملحوظاً وارتفعت قيمتها لمدة قرنين من الزمن تقريباً.

سعر العملة

تعد أسعار الصرف من بين المقاييس الاقتصادية الأكثر مراقبةً وتحليلًا من قبل الحكومات والمؤسسات المالية الكبيرة، كما أنها مهمة أيضًا على نطاق أصغر حيث تؤثر على العائد الحقيقي لمحفظة المستثمر.

يمثل سعر صرف العملة واحد من أهم المقاييس الرئيسية لتحديد مستوى الصحة الاقتصادية للدولة. وكأي سلعة في الأسواق، يعتبر العرض والطلب على العملة هو المحدد لسعر العملة، وبناءً على قوى العرض والطلب يتم تحديد ما إذا كانت العملة سترتفع أم تنخفض.

وهناك أسباب أخرى تتحكم في سعر العملة، وتتعلق بالميزان التجاري للدولة وقدرتها التصديرية. عندما يصدر بلد ما أكثر من وارداته، فإن ذلك يحقق له عائدا مالياً، ويجعل عملته مطلوبة في الأسواق، وبالتالي زيادة القيمة السوقية لها، وارتفاع سعرها. والعكس صحيح، فكلما كانت الواردات أقوى من الصادرات، كلما شهدت العملة انخفاضاً في قيمتها، وتراجعاً في طلبها، وبالتالي انخفاض القيمة السوقية لهذه العملة، وربما إلى انهيارها في حال تفاقم اختلال هذا الميزان.

إن أي اختلال في الميزان التجاري للبلد يدفع الأسعار نحو الارتفاع محليا بسبب زيادة تكلفة الاستيراد، ما يؤثر على قيمة العملة. وكلما زاد إنفاق الدولة على البنية التحتية كلما تسارعت معدلات النمو الاقتصادي، وزاد معه الطلب الداخلي والأسعار تباعاً، مما يجعل السلطات النقدية تلجأ إلى زيادة أسعار الفائدة لامتصاص السيولة من الأسواق، ومن ثم دفع التضخم إلى الانخفاض نحو معدلات معقولة.

ويعد عامل التضخم مؤثراُ أيضاً في سعر العملة، لأن كلما ارتفع التضخم كلما تحولت شهية المتعاملين نحو شراء العملات الأجنبية على حساب نظيرتها المحلية، وذلك للحفاظ على قيمة ما يملكون، مما يدفع العملات المحلية إلى الانخفاض وربما إلى الانهيار. أحيانا تضطر الحكومات الى اعتماد سياسة تخفيض قيمة العملة وإضعافها من أجل تعزيز النمو الاقتصادي وتنمية الصادرات وتعديل الميزان التجاري، ولكن ليس من المفيد على المدى الطويل استخدام هذه السياسة.

سعر الفائدة للبلد هو أيضاً من العوامل التي تساهم في القوة أو الضعف العام للعملة. أسعار الفائدة هي المبلغ الذي تكلفه لاقتراض المال، يتم رفع مستوى سعر الفائدة أعلى أو أقل من قبل البنك المركزي للبلد إما لتحفيز أو إبطاء الاقتصاد. عندما يتعلق الأمر بالطلب على عملة معينة، فإن ارتفاع سعر الفائدة عادة ما يعني ارتفاع الطلب على تلك العملة، وانخفاض أسعار الفائدة عادة ما يقلل من الطلب على العملة.

من العوامل أيضاً التي تؤثر في سعر العملة هي المضاربات. والمضاربة على العملة، هي صيغة من صيغ التبادل التي تجري في سوق تداول العملات، لا علاقة لها على الإطلاق بحركة المبادلات التجارية (أي تجارة السلع والخدمات)، تتضمن في حيثياتها عمليات شراء عملة محددة، بهدف إعادة بيعها في لحظة معينة بسعر أعلى.

ـــــــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضاً: قصص نجاح ملهمة

Tags:

سجل دخول بمعلومات حسابك

Forgot your details?