معظمنا يعاني هذه الأيام من ضغط كبير، فمنّا من يعاني من ضغط العمل اليومي، ومنّا من يعاني من كثرة المشاكل وصعوبات الحياة، والكثير منّا مهموم بما يحدث على الساحة العربية والعالمية من أحداث مضطربة ومتسارعة، فنعاني من التوتر والضغط العصبي بشكل يومي. في بعض الأحيان يكون هذا التوتر مفيداً، ولكن يمكن أن تعرضنا زيادته عن حده لمخاطر صحية ونفسية كثيرة، لذا تعالوا نستعرض معاً في هذا الموضوع أعراضه وكيفية التعامل معه، ودعونا أولاً نتعرف إلى التوتر أو الضغط العصبي بشكل علمي.
ما هو التوتر أو الضغط العصبي Stress؟
هو رد فعل طبيعي لجسم الإنسان عندما يشعر بالخطر أو عندما يتعرض لتهديد ما أو يشعر باختلال في توازنه، فيقوم الجسم بمكافحة هذا الخطر أو الهروب منه، وبالتالي يفيد رد الفعل هذا في حماية الجسم من المخاطر، فشعورك بالتوتر والضغط يشحذ حواسك ويساعدك في التركيز في العمل والاجتماعات الهامة ومواجهة التحديات اليومية، وهو الذي يدفعك لتذهب لأداء الامتحانات بدلاً من الجلوس ومشاهدة التلفاز!
إذاً فهو شعور إنساني إيجابي لا بد منه، ولكن إذا تخطى حدوده الطبيعية أصبح مرهقاً ومؤذياً كذلك، فيؤثر على صحتك ومزاجك وعلاقتك بالآخرين وعلى جودة الحياة ككل. حيث يمكن أن يؤثر الضغط المفرط والمزمن سلباً على المادية الخاصة بك وكذلك على الصحة النفسية، كما أنه ليس مجرد مقدار من الضغط الذي قد تواجهه ولكن أيضاً يمكن أن يؤدي إلى مجموعة واسعة من المشاكل الصحية.
شاهد أيضا:
وتقسم الطبيبة النفسية “كوني ليلاس” استجابة الإنسان للضغط العصبي إلى ثلاثة أقسام، شبهت فيهم الأشخاص بسائق السيارة:
ضاغط الوقود: وهو الشخص الذي يكون رد فعله الأساسي على ضغوط الحياة ومشاكلها هو الغضب والانفعال الشديدين.
الضاغط على المكابح: وهو رد الفعل الانسحابي، فينسحب الشخص ويبتعد عن المؤثر السلبي ويصاب بالإحباط والاكتئاب.
الضاغط على المكابح والوقود معاً: وهو الشخص الذي يتجمد تماماً في مكانه كاستجابة سلبية للمؤثر، ولكن في الوقت نفسه يشتعل من داخله بالانفعالات.
أخطر ما في الضغط العصبي هو أنه يتغلغل في حياتنا اليومية ونعتاده بشكل لا يمكّننا من اكتشافه أو تحديد مدى أثره والتعامل معه، فيمكنه التأثير بشكل سلبي كبير في حياتك دون أن تشعر، ويمكن أن تعاني من مشاكل صحية ونفسية جمة سببها الأساسي هو التوتر والضغط العصبي المتواصل. لذا، وجب أن نعرّف عن أعراضه حتى نتفادى علاجات غير مجدية لمشاكل صحية أساسها الضغط العصبي. والجدول التالي يوضح أكثر الأعراض شيوعاً:
علامات وأعراض الضغط العصبي:
-
- مشاكل في الإدراك: اضطرابات في الذاكرة/ صعوبة في التركيز / أفكار متارسعة ومقلقة / الشعور بالقلق بشكل دائم
-
- تغيرات شعورية: المزاجية / سرعة الانفعال / الشعور بالوحدة / الشعور بالاكتئاب أو عدم السعادة
-
- أعراض عضوية: الام وأوجاع متفرقة / الدوخة والغثيان / إسهال وإمساك / آلام في الصدر وسرعة في ضربات القلب / الإصابة بنزلات البرد بشكل متكرر
- تغيرات في السلوك: زيادة أو نقصان في تناول الطعام / النوم كثيرا جدا أو قليلا جدا / الانعزال / عادات التوتر مثل قضم الأظافر / الاعتماد على التدخين أو الكحول للاسترخاء
وتنتج بعد هذه الأعراض مشاكل صحية عديدة تتفاوت شدتها من آلام متفرقة بالجسم ومشاكل في الهضم وسمنة واكتئاب وأمراض جلدية، وصولاً إلى أمراض المناعة والقلب. كما يمكن للضغط العصبي المتواصل أن يزيد حالات مرض السكر والرّبو سوءاً.
وحتى نستطيع التعامل مع الضغط العصبي، يجب أن نعرف مسبباته، بالتأكيد تتفاوت من شخص لآخر ولكن يمكن جمع المسببات العامة له الخارجية من عوامل مختلفة من حولنا، والداخلية من استجابتنا الداخلية وما نشعر به في ما يلي:
أسباب الضغط العصبي:
المسببات الخارجية الشائعة للضغط العصبي: تغيرات في الحياة بشكل عام / العمل / صعوبات في العلاقات الاجتماعية والشخصية / مشاكل مالية / الانشغال الدائم / مشاكل العائلة والاطفال
المسببات الداخلية الشائعة للضغط العصبي: عدم تقبل ألا وجود هدف أو اتجاه معين في الحياة / التشاؤم / التحدث إلى النفس بطريقة سلبية / التوقعات الغير واقعية / المثالية / الافتقار إلى الحزم والاصرار.
ولكن كيف نعرف ما إذا كان توترنا مضرّاً ويتخطّى الحدود المعقولة؟
كل شخص منا يختلف عن الآخر في الاستجابة للمؤثرات من حوله كما وضّحنا، وكما يتفاوت ردّ الفعل، تتفاوت أيضاً مدى قابلية الإنسان لاحتمال ما يحدث أمامه. فهناك من يتأثر بالضغوط البسيطة فيتوتر بشدة وتتدهور حالته النفسية والصحية بسرعة، وهناك من يستطيع تحمّل ما لا يُحتمل!
شاهد اضطراب ما بعد الصدمة … كيف تتخلص منه؟
يوجد عدة عوامل تؤثر في قوة تحملنا لضغوط الحياة:
أولاً: الأصدقاء والعائلة
فكلما تواجد عدد أكبر من الأشخاص بجانب الشخص لدعمه، وتوفّرت علاقات اجتماعية وودّية صحية أكثر، كان الشخص أكثر قدرة على تحمّل مصاعب الحياة، لذا فالأشخاص الذين يعانون من الوحدة هم أكثر ضعفاً وأقل تحملاً.
ثانياً: سيطرتنا وتحكّمنا في حياتنا
كلما كانت سيطرتك على الأمور في حياتك وثقتك في نفسك أكبر، كلما قلّ شعورك بالضّغط العصبي.
ثالثاً: طريقتنا في التّعايش مع ما حولنا
يتميز الأشخاص الذين لا يعانون من الضّغط العصبي بالتفاؤل وتقبل الآخرين وتقبل التغييرات المختلفة في الحياة والإيمان بالأهداف السامية.
أقرأ أيضا:
رابعاً: تحكّمنا في انفعالاتنا
أنت معرّض للضّغط العصبي بشكل كبير جداً إذا كنت ممن لا يستطيعون إخراج أنفسهم من حالات الغضب والحزن لإحداث التوازن المطلوب في انفعالاتهم.
خامساً: استعدادنا وتوقّعنا للضّغط العصبي
كلما كانت معرفتك لما سوف تواجهه في الحياة أكبر، كلما كانت قابليتك للتعامل معه وتقليل الضغط العصبي أكبر، فمثلاً إذا كنت تتوقع الألم فسيمكنك احتماله والتعامل معه بشكل أفضل مما لو كنت تألّمت فجأة.
ولتعرف مدى قابليتك للتحكم في الضغط العصبي الواقع عليك، اسأل نفسك هذه الأسئلة:
عندما أشعر بالضيق.. هل أستطيع التخلص من هذا الشعور وتهدئة نفسي بسرعة؟
هل أستطيع أن أخرج من غضبي بسهولة؟
لدى عودتي إلى المنزل.. هل أشعر بأني يقظ ومسترخ؟
هل أشعر عادةً بالتشتت وعدم التركيز.. أو هل أنا مزاجي؟
هل أستطيع أن أشعر بالضّيق الذي يعاني منه الآخرون حولي؟
هل أتّجه بسهولة إلى الأصدقاء أو العائلة لأشعر بالتّحسن؟
عندما تنخفض طاقتي.. هل أعرف كيف أعيد رفعها من جديد؟
بعد أن تعرّفنا على الضّغط العصبي ومسبّباته وأعراضه، وتعرّفنا على أصناف البشر المعرّضين له، يمكننا الآن التّحكّم فيه بشكل أكبر عن طريق السّيطرة على مشاعرنا وانفعالاتنا بعد فهم كيفية استجابتنا للمؤثرات من حولنا، حتى نقلل من تأثيره السيئ علينا، فيمكننا حينها أن نغيّر الأوضاع التي تسبّب لنا الضغط العصبي ونبتعد عنها، أو أن نتعلم كيف نتقبلها ونتعامل معها بشكل مختلف إذا لم نستطع تغييرها.
وهناك عدة طرق يمكننا من خلالها تجنب الضغط العصبي والتوتر منها:
-
- تجنب الضغط العصبي ومسبباته: كتجنّب الأشخاص الذين يزيدون الضّغط العصبي وتغيير البيئة المسبّبة للتوتر، وتعلم عدم تحمل ما لا نستطيع.
-
- تغيير الأوضاع المسببة للضغط العصبي: فالأفضل أن تعبّر عن مشاعرك أولاً بأول حتى لا تراكمها فتثقل كاهلك، كما أنّ حسن إدارة الوقت والتعامل مع متطلبات الحياة ومشاكلها بشكل أكثر تحديداً وصرامةً يساعد على التقليل من التّوتر العصبي.
- التكيّف مع مسببات الضغط العصبي: وذلك عن طريق رؤية المشكلات بطريقة مختلفة والنّظر إلى الصورة الكاملة والجانب الإيجابي من الأمور.
-
- تقبّل الأشياء التي لا يمكن تغييرها: تعلم أن تسامح ولا تحاول أن تتحكم في الأشياء التي لا يمكنك التحكم بها أصلاً، وحاول الاستفادة من تجاربك ومشكلاتك، فما لا يكسرك يقويك.
شاهد أسباب تجعلك تشعر بالتعب نهاراً رغم نوم جيد!
-
- حدد وقتاً للراحة والاسترخاء والمرح: حاول أن تفعل شيئاً ممتعاً حتى ولو كان بسيطاً بشكل يومي، كما أن التواصل مع الأشخاص الإيجابيين والمحافظة على العلاقات الاجتماعية السليمة يساعد على التقليل من تأثير التوتر العصبي.
-
- حاول أن تصنع لنفسك نمط حياة صحي: ابتعد عن الكحوليات والتدخين، وحاول ممارسة الرياضة بشكل منتظم، كما أن تناول الطعام الصحي وتقليل المشروبات المنبهة والنوم جيداً بشكل كافٍ يساعد في مقاومة الضغط العصبي.
وهناك أيضاً بعض العادات التي يمكنها تقليل تأثير الضغط العصبي علينا مثل ممارسة اليوغا بشكل منتظم، فهي تساعد على الاسترخاء وتحفز استجابة الاسترخاء في جسم الإنسان.
ــــــــــــــــــــــــ
المصدر : أراجيك
Tags: الضغط العصبي صحة صحة عامة